للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس ذلك كالحجر والفرس، والرّمكة والبرذون، والناقة والجمل، والعير والأتان، والأسد واللّبؤة، فإن هذه الأجناس تقبل نحوك فلا ينفصل في العين الأنثى من الذكر، حتى تتفقّد مواضع القنب [١] والأطباء [٢] ، وموضع الضّرع والثّيل [٣] ، وموضع ثفر الكلبة [٤] من القضيب.

لأنّ للعصفور الذّكر لحية سوداء. وليس اللحية إلا للرجل والجمل، والتيس، والدّيك، وأشباه ذلك. فهذه أيضا فضيلة للعصفور. وذكر ابن الأعرابيّ أن للناقة عثنونا [٥] كعثنون الجمل، وأنها متى كان عثنونها أطول كان فيها أحمد.

١٣٥٩-[حب العصافير فراخها]

وليس في الأرض طائر، ولا سبع ولا بهيمة، أحنى على ولد، ولا أشدّ به شعفا، وعليه إشفاقا [٦]- من العصافير. فإذا أصيبت بأولادها، أو خافت عليها العطب، فليس بين شيء من الأجناس من المساعدة، مثل الذي مع العصافير، لأن العصفور يرى الحيّة قد أقبلت نحو حجره وعشّه ووكره، لتأكل بيضه أو فراخه، فيصيح ويرنّق [٧] فلا يسمع صوته عصفور إلا أقبل إليه وصنع مثل صنيعه، بتحرّق ولوعة، وقلق، واستغاثة وصراخ، وربما أفلت الفرخ وسقط إلى الأرض- وقد ذهبت الحيّة- فيجتمعن عليه، إذا كان قد نبت ريشه أدنى نبات، فلا يزلن يهيّجنه، ويطرن حوله، لعلمها أن ذلك يحدث للفرخ قوة على النّهوض فإذا نهض طرن حواليه ودونه، حتى يحتثثنه [٨] بذلك العمل.

وكان الخريميّ ينشد [٩] : [من الرجز]

واحتثّ كلّ بازل ذقون ... حتى رفعن سيرة اللّجون [١٠]


[١] القنب: وعاء قضيب الدابة.
[٢] الأطباء: حلمات الضرع التي من خفّ وظلف وحافر وسبع، وهي جمع طبي.
[٣] الثيل: وعاء قضيب البعير وغيره.
[٤] الثفر: كالحياء للناقة، وهو لكل ذات مخلب.
[٥] العثنون: شعيرات طوال تحت حنك البعير.
[٦] الشعف: أن يذهب الحب بفؤاده.
[٧] رنق الطائر: خفق بجناحيه في الهواء وثبت ولم يطر.
[٨] الحث: الاستعجال.
[٩] ديوان الخريمي ٨٠، وبلا نسبة في اللسان (خدر) ، والتهذيب ٧/٢٦٦.
[١٠] في ديوانه، احتث: أسرع في سيره. البازل من الإبل: ما كان في التاسعة. الذقون: التي تميل ذقنها إلى الأرض تستعين بذلك على السير. اللجون: الثقيل المشي من الإبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>