للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس في الأرض شيء جسمه مثل جسم الحيّة، إلا والحيّة أقوى بدنا منه أضعافا. ومن قوّتها أنها إذا أدخلت رأسها في جحرها، أو في صدع إلى صدرها، لم يستطع أقوى النّاس وهو قابض على ذنبها بكلتا يديه أن يخرجها؛ لشدّة اعتمادها، وتعاون أجزائها. وليست بذات قوائم لها أظفار أو مخالب أو أظلاف، تنشبها في الأرض، وتتشبث بها، وتعتمد عليها. وربما انقطعت في يدي الجاذب لها، مع أنها لدنة ملساء علكة فيحتاج الرفيق في أمرها عند ذلك، أن يرسلها من يديه بعض الإرسال، ثمّ ينشطها كالمختطف والمختلس، وربما انقطع ذنبها في يد الجاذب لها. فأمّا أذناب الأفاعي فإنها تنبت.

ومن عجيب ما فيها من هذا الباب، أنّ نابها يقطع بالكاز [١] ، فينبت حتى يتمّ نباته في أقلّ من ثلاث ليال.

والخطّاف في هذا الباب خلاف الخنزير؛ لأنّ الخطاف إذا قلمت إحدى عينيه رجعت. وعين البرذون يركبها البياض، فيذهب في أيّام يسيرة.

وناب الأفعى يحتال له بأن يدخل في فيها حمّاض أترجّ [٢] ، ويطبق لحيها الأعلى على الأسفل، فلا تقتل بعضّتها أياما صالحة.

والمغناطيس الجاذب للحديد، إذا حكّ عليه الثّوم، لم يجذب الحديد.

١٠٢١-[خصائص الأفعى]

والأفعى لا تدور عينها في رأسها، وهي تلد وتبيض، وذلك أنها إذا طرّقت [٣] ببيضها تحطّم في جوفها، فترمي بفراخها أولادا، حتى كأنها من الحيوان الذي يلد حيوانا مثله.

وفي الأفاعي من العجب أنها تذبح حتى يفرى منها كلّ ودج، فتبقى كذلك


[١] الكاز: المقطع. «السامي في الأسامي ١٤٧» .
[٢] في القاموس «ترج» : (الأترجّ، والأترجّة والتّرنجة والتّرنج: نبات معروف، حامضه مسكّن غلمة النساء؛ ويجلو اللون والكلف، وقشره في الثياب يمنع السوس) . وفي معجم الألفاظ الزراعية ١٦٣- ١٦٤. (جنس الليمون فيه أنواع البرتقال والأترج والنارنج والليمون الحلو والحامض، وهي تسمى الموالح في مصر؛ والحوامض في الشام، وما في جوف ثماره يسمى الحمّاض. جنس شجر مثمر من الفصيلة البرتقالية) .
[٣] طرّقت ببيضها: حان لها أن يخرج بيضها. (القاموس: طرق) .

<<  <  ج: ص:  >  >>