للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سقيا لسنّوة فجعت بها ... كانت لميثاء حقبة سكنا [١]

١٤٣١-[ضروب الفأر]

قال: والفأر ضروب: فمنها الجرذان والفأر المعروفان، وهما كالجواميس والبقر، وكالبخت والعراب. ومنها الزباب. ومنها الخلد. واليرابيع شكل من الفأر، واسم ولد اليربوع درص، مثل ولد الفأر.

ومن الفأر فأرة المسك [٢] ، وهي دويبة تكون في ناحية تبّت، تصاد لنوافجها وسررها [٣] ، فإذا اصطادها صائد عصب سرّتها بعصاب شديد، وسرّتها مدلاة، فيجتمع فيها دمها فإذا أحكم ذلك ذبحها.

وما أكثر من يأكلها- فإذا ماتت قوّر السرة التي كان عصبها له والفأرة حيّة، ثم دفنها في الشعير حتى يستحيل ذلك الدم المحتقن هناك، الجامد بعد موتها، مسكا ذكيا، بعد أن كان ذلك الدّم لا يرام نتنا.

قال: وفي البيوت أيضا قد يوجد فأر مما يقال له: فأر المسك، وهي جرذان سود ليس عندها إلا تلك الرائحة اللازمة له.

قال: وفي الجرذان جنس لها عبث بالعقود والشّنوف [٤] ، والدراهم والدنانير، على شبيه بالذي عليه خلق العقعق [٥] ؛ إلا أن هذه الجرذان تفرح بالدنانير والدراهم، وبخشخاش الحلي. وذلك أنها تخرجها من جحورها في بعض الزمان، فتلعب عليها وحواليها، ثم تنقلها واحدا واحدا، حتى تعيدها عن آخرها إلى موضعها.

فزعم الشّرقيّ بن القطاميّ- وقد رووه عن شوكر أن رجلا [٦] من أهل الشام اطّلع على جرذ يخرج من جحره دينارا دينارا، فلما رآه قد أخرج مالا صالحا استخفّه الحرص، فهمّ أن يأخذه، ثم أدركه الحزم، وفتح له الرزق المقسوم بابا من الفطنة،


[١] ميثاء: اسم لامرأة. الحقبة: مدة من الدهر. سكنا: هو كل ما سكنت إليه واطمأننت به من أهل وغيره.
[٢] هذا القول حتى قوله «لا يرام نتنا» نقله ابن منظور في اللسان ٥/٤٢- ٤٣ (فأر) ، والنويري في نهاية الأرب ١٠/١٧١.
[٣] النوافج: جمع نافجة، وهي وعاء المسك. السرر: جمع سرة؛ وهي الوقبة في وسط البطن.
[٤] الشنوف: جمع شنف، وهو القرط.
[٥] العقعق: طائر مولع بالسرقة. انظر ما تقدم في ص ٨٤- ٨٥.
[٦] الخبر في ربيع الأبرار ٥/٤٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>