للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى تلافى وقرن الشّمس مرتفع ... أدحيّ عرسين فيه البيض مركوم [١]

يوحى إليها بإنقاض ونقنقة ... كما تراطن في أفدانها الرّوم [٢]

صعل، كأنّ جناحيه وجؤجؤه ... بيت أطافت به خرقاء مهجوم [٣]

تحفّه هقلة سطعاء خاضبة ... تجيبه بزمار فيه ترنيم [٤]

١١٩٤-[النعامة التي تطحن]

الأصمعيّ قال: أخبرني رجل من أهل البصرة قال: أرسل شيخ من ثقيف ابنه فلانا- ولم يحفظ اسمه- إلى ابن سيرين، فكلمه بكلام، وأمّ ابنه هذا قاعدة، ولا يظنّ أنّها تفطن، فقال له: يا بنيّ اذهب إلى ابن سيرين، فقل له: رجل رأى أنّ له نعامة تطحن. قال: فقلت له؛ فقال: هذا رجل اشترى جارية فخبّأها في بني حنيفة.

قال: فجئت أبي فأخبرته، فنافرته أمّي، وما زالت به حتى اعترف أنّ له جارية في بني حنيفة.

وما أعرف هذا التأويل. ولولا أنّه من حديث الأصمعي مشهور ما ذكرته في كتابي.

١١٩٥-[مسيلمة الكذاب]

وأمّا قول الشاعر الهذليّ في مسيلمة الكذاب، في احتياله وتمويهه وتشبيه ما يحتال به من أعلام الأنبياء، بقوله [من الطويل]

ببيضة قارور وراية شادن ... وتوصيل مقصوص من الطير جادف


[١] «تلافى» تدارك، و «الأدحي» مبيض النعام، لأنها تدحوه بأرجلها، أي تبسطه وتسهله، وأراد «بالعرسين» الظليم والنعامة، لأن كل واحد منهما عرس لصاحبه، و «المركوم» الذي ركب بعضه بعضا لكثرته.
[٢] «الإنقاض والنقنقة» صوته، و «تراطن الروم» ما لا يفهم من كلامهم، وإنما أراد أن الظليم يكلم النعامة بما لا يفهمه غيرهما، كما تتكلم العجم بما لا تفهم عنها العرب. و «الأفدان» جمع فدن، وهو القصر. وإنما ذكر الأفدان لأن الروم أهل أبنية وقصور.
[٣] «الصّعل» الرقيق العنق، الصغير الرأس من الظّلمان، وقوله «بيت» يعني: بيتا من شعر أو وبر، «الخرقاء» المرأة التي لا تحسن عملا، «المهجوم» الساقط المهدوم.
[٤] «الهقلة: النعامة. و «السطعاء» : الطويلة العنق، و «الخاضعة» التي أمالت رأسها ووضعته للرعي.
و «الزمار» صوت النعامة، والعرار: صوت الظليم.
[٥] الخبر مع البيت التالي في ربيع الأبرار ٤/٣٤٣/٣٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>