للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعْلَمُونَ

فليوقد نارا في وسط غيضه، أو في صحراء بريّة ثمّ ينظر إلى ما يغشى النار من أصناف الخلق من الحشرات والهمج فإنّه سيرى صورا، ويتعرّف خلقا لم يكن يظنّ أنّ الله تعالى خلق شيئا من ذلك العالم. وعلى أنّ الخلق الذي يغشى ناره يختلف على قدر اختلاف مواضع الغياض والبحار والجبال. ويعلم أنّ ما لم يبلغه أكثر وأعجب. وما أردّ هذا التأويل، وإنّه ليدخل عندي في جملة ما تدلّ عليه الآية.

ومن لم يقل ذلك لم يفهم عن ربّه ولم يفقه في دينه.

٣٢٢-[ديدان الخل والملح] «١»

كأنّك لا ترى أنّ في ديدان الخلّ والملح، والدّيدان التي تتولد في السّموم إذا عتقت وعرض لها العفن- وهي بعد قواتل- عبرة وأعجوبة، وأنّ التفكّر فيها مشحذة للأذهان، ومنبهة لذوي الغفلة، وتحليل لعقدة البلدة»

، وسبب لاعتياد الرويّة وانفساح الصدور، وعزّ في النفوس، وحلاوة تقتاتها الرّوح، وثمرة تغذّي العقل، وترقّ في الغايات الشريفة، وتشرّف إلى معرفة الغايات البعيدة.

٣٢٣-[فأرة البيش والسمندل]

وكأنّك لا ترى أنّ في فأرة البيش «٣» وفي السمندل «٤» آية غربية، وصفة عجيبة، وداعية إلى التفكّر، وسببا إلى التعجّب والتّعجيب.

٣٢٤-[الجعل والورد]

وكأنّك لا ترى أنّ في الجعل «٥» ، الذي متى دفنته في الورد سكنت حركته وبطلت في رأي العين روحه، ومتى أعدته إلى الرّوث انحلّت عقدته، وعادت حركته، ورجع حسه- أعجب العجب، وأحكم الحكم!.

٣٢٥-[حصول الخلد على رزقه]

وأيّ شيء أعجب من الخلد «٦» ! وكيف يأتيه رزقه، وكيف يهيّئ الله له ما

<<  <  ج: ص:  >  >>