وإنّما تكلمنا على المغلوب. فأمّا من كانت هذه العوارض لا تفسد عقله، ولا تنقض استطاعته، فليس بيننا اختلاف في أنّه ملوم. على أنّ إلزامه اللائمة لا يكون إلّا من بعد خصومة طويلة، لا يصلح ذكرها في هذا الباب.
٤٨٦-[ضعة الغراب وضعفه]
وقال صاحب الكلب «١» : الغراب من لئام الطير وليس من كرامها، ومن بغاثها وليس من أحرارها، ومن ذوات البراثن الضعيفة والأظفار الكليلة، وليس من ذوات المخالب المعقّفة والأظفار الجارحة. ومن ذوات المناقير وليس من ذوات المناسر.
وهو مع أنّه قويّ النّظر. لا يتعاطى الصّيد. وربّما راوغ العصفور، ولا يصيد الجرادة إلّا أن يلقاها في سدّ «٢» من الجراد. وهو فسل إن أصاب جيفة نال منها وإلّا مات هزالا، ويتقمّم كما يتقمم بهائم الطير وضعافها، وليس ببهيمة لمكان أكله الجيف، وليس بسبع لعجزه عن الصّيد.
٤٨٧-[ألوان الغربان]
وهو مع ذلك يكون حالك السّواد شديد الاحتراق، ويكون مثله من الناس الزّنج فإنّهم شرار الناس، وأردأ الخلق تركيبا ومزاجا، كمن بردت بلاده فلم تطبخه الأرحام، أو سخنت فأحرقته الأرحام. وإنما صارت عقول أهل بابل وإقليمها فوق العقول، وجمالهم فوق الجمال لعلّة الاعتدال.
والغراب إمّا أن يكون شديد الاحتراق فلا يكون له معرفة ولا جمال، وإمّا أن يكون أبقع فيكون اختلاف تركيبه وتضادّ أعضائه دليلا على فساد أمره. والبقع ألأم من السّود وأضعف.
٤٨٨-[أنواع الغربان]
ومن الغربان غراب الليل، وهو الذي ترك أخلاق الغربان وتشبّه بأخلاق البوم» .
ومنها غراب البين. وغراب البين «٤» نوعان: أحدهما غربان صغار معروفة