للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣٧٠-[بعض خصال العصفور]

والعصفور لا يستقرّ ما كان خارجا من وكره، حتى كأنه في دوام الحركة وصبيّ. له صوت حديد مؤذ.

وزعموا أن البلبل لا يستقر أبدا وهذا غلط، لأن البلبل إنما يقلق لأنه محصور في قفص. والذين عاينوا البلابل والعصافير في أو كارها، وغير محصورة في الأقفاص، يعلمون فضل العصفور على البلبل في الحركة.

فأما صدق الحسّ، وشدّة الحذر، والإزكان [١] الذي ليس عند خبيث الطير [٢] ، ولا عند الغراب [٣]- فإن عند العصفور منه ما ليس عند جميع ما ذكرنا، لو اجتمعت قواهم، وركّبوا في نصاب واحد.

من ذلك أنه يغمّ بحدّة صوته بعض من يقرب منه، فيصيح به ويهوي بيديه إلى الأرض كأنه يريد أن يرميه بحجر فلا يراه يحفل بذلك. فإن وقعت يده على حصاة طار من قبل أن يتمكّن من أخذها.

١٣٧١-[علة العداوة بين الحمار وعصفور الشوك]

وزعم صاحب المنطق أن بين الحمار وعصفور الشّوك عداوة. وقال: لأن الحمار يدخل الشجر والشّوك، فربما زاحم الموضع الذي فيه وكره فيبدّد عشّه.

وربما نهق الحمار فسقط فرخ العصفور أو بيضه من جوف وكره. قال: ولذلك إذا رآه العصفور رنّق [٤] فوق رأسه، وعلى عينيه، وآذاه بطيرانه وصياحه.

وربّما كان العصفور أبلق [٥] . ويصاب فيه الأصبغ [٦] ، والجراديّ [٧] ، والأسود، والفيقع [٨] ، والأغبس [٩] . فإذا أصابوه كذلك باعوه بالثّمن الكثير.


[١] الإزكان: الفطنة والحدس الصادق.
[٢] الخبيث: الخداع.
[٣] من الأمثال قولهم: «أحذر من غراب» ، والمثل في مجمع الأمثال ١/٢٢٦، وجمهرة الأمثال ١/٣٤٣، ٣٩٦، والمستقصى ١/٦٢.
[٤] رنّق الطائر: خفق بجناحيه ورفرف ولم يطر.
[٥] البلق: سواد وبياض.
[٦] الأصبغ: المبيض الذنب.
[٧] الجرادي: الذي لونه لون الجراد.
[٨] الفقيع: الأبيض.
[٩] الأغبس: الذي لونه لون الرماد.

<<  <  ج: ص:  >  >>