كأنّ إبطيّ وقد طال المدى ... نفحة خرء من كواميخ القرى «١»
ويقال إنّه ليس في الأرض رائحة أنتن، ولا أشدّ على النفس، من بخر فم أو نتن حر، ولا في الأرض رائحة أعصم لروح من رائحة التفاح.
١٩١-[فوائد العذرة]
وقال صاحب الكلب: فما نرى النّاس يعافون تسميد بقولهم قبل نجومها وتفتّق بزورها ولا بعد انتشار ورقها وظهور موضع اللّبّ منها حتّى ربّما ذرّوا عليها السّماد ذرّا، ثمّ يرسل عليها الماء حتى يشرب اللّبّ قوى العذرة، بل من لهم بالعذرة؟! وعلى أنّهم ما يصيبونها إلّا مغشوشة مفسدة. وكذلك صنيعهم في الريحان. فأمّا النّخل فلو استطاعوا أن يطلوا بها الأجذاع طليا لفعلوا. وإنّهم ليوقدون بها الحمّامات وأتاتين الملال «٢» ، وتنانير الخبز. ومن أكرم سمادهم الأبعار كلّها والأخثاء «٣» إذا جفّت. وما بين الثّلط «٤» جافا والخثاء يابسا، وبين العذرة جافّة ويابسة فرق. وعلى أنّهم يعالجون بالعذرة وبخرء الكلب، من الذّبحة والخانوق «٥» في أقصى مواضع التقزّز وهو أقصى الحلق، ومواضع اللهاة، ويضعونها على مواضع الشّوكة، ويعالجون بها عيون الدّوابّ.
١٩٢-[أقوال لمسبّح الكناس]
وقال مسبّح الكناس: إنّما اشتقّ الخير من الخرء. والخرء في النوم خير. وسلحة مدركة ألذّ من كوم العروس ليلة العرس. ولقد دخلت على بعض الملوك لبعض الأسباب، وإذا به قعاص «٦» وزكام وثقل رأس، وإذا ذلك قد طاوله، وقد كان بلغني أنّه كان هجر الجلوس على المقعدة وإتيان الخلاء، فأمرته بالعود إلى عادته، فما مرّت به أيام حتى ذهب ذلك عنه.
وزعم أنّ الدنيا منتنة الحيطان والتّربة، والأنهار والأودية، إلّا أنّ النّاس قد