ثم عاد أيضا في ذكر الدّيك فقال:
ولا غرو إلّا الدّيك مدمن خمرة ... نديم غراب لا يملّ الحوانيا «١»
ومرهنه عن الغراب حبيبه ... فأوفيت مرهونا وخلفا مسابيا «٢»
أدلّ عليه الدّيك: إنّي كما ترى ... فأقبل على شأني وهاك ردائيا
أمنتك لا تلبث من الدّهر ساعة ... ولا نصفها حتّى تؤوب مآبيا
ولا تدركنك الشّمس عند طلوعها ... فأعلق فيهم أو يطول ثوائيا
فردّ الغراب والرداء يحوزه ... إلى الدّيك وعدا كاذبا وأمانيا
بأيّة ذنب أو بأيّة حجّة ... أدعك فلا تدعو عليّ ولا ليا
فإنّي نذرت حجّة لن أعوقها ... فلا تدعونّي مرّة من ورائيا
تطيّرت منها والدّعاء يعوقني ... وأزمعت حجّا أن أطير أماميا
فلا تيأسن إنّي مع الصّبح باكر ... أوافي غدا نحو الحجيج الغواديا
لحبّ امرئ فاكهته قبل حجّتي ... وآثرت عمدا شأنه قبل شانيا «٣»
هنالك ظنّ الدّيك إذ زال زوله ... وطال عليه اللّيل ألّا مفاديا «٤»
فلما أضاء الصّبح طرّب صرخة ... ألا يا غراب هل سمعت ندائيا
على ودّه لو كان ثمّ مجيبه ... وكان له ندمان صدق مواتيا
وأمسى الغراب يضرب الأرض كلّها ... عتيقا وأضحى الدّيك في القدّ عانيا «٥»
فذلك ممّا أسهب الخمر لبّه ... ونادم ندمانا من الطّير عاديا «٦»
٤٩٩-[ما يلقم فراخه وما يزقها]
قال: ومن الطّير ما يلقم فراخه مثل العصفور، لأن العصفور لا يزقّ. وكذلك أشباه العصفور.
ومن الطير ما يزقّ فراخه، مثل الحمام وما أشبه ذلك كبهائم الطير الخالصة.
لأنّ الدّجاجة تأكل اللّحم، وتلغ في الدم، وولدها حين يخرج من البيض يخرج كاسبا