للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠٣٣-[شرب المسموم للّبن]

وحدّثني بعض أصحابنا قال: كنت إمّا برماي وإما بباري وهما بلاد حيّات وأفاع، ونحن في عرس، إذ أدخلوا الخدر العروس فأبطؤوا عليه شيئا، فأغفى وتلوّت على ذراعه أفعى، فذهب ينفضها وحجمت على ذراعه- وقد يقال ذلك إذا كانت العضّة في صورة شرط الحجّام- فصرخ وجاؤوا يتعادون [١] فوجدوها فقتلوها، وسقوه في تلك اللّيلة لبن أربعين عنزا، كلّما استقرّ في جوفه قعب من ذلك اللّبن قاء فيخرج منه كأمثال طلع الفحّال [٢] الأبيض، فيه طرائق من دسم تعلوه خضرة، حتى استوفى ذلك اللّبن كله. قال: فعندها قال شيخ من أهل القرية: إن كنتم أخرجتم ذلك السّمّ فقد أخرجتم نفسه معه! قال: فغبر أيّاما بأسوإ حال ثمّ مات. قال: وكنت أعجب من سرعة استحالة اللّبن وجموده.

١٠٣٤-[اكتفاء الحيات والضباب بالنسيم]

قلت: والحيّات البرّيّة إذا هرمت تنسّمت النّسيم فاكتفت بذلك، وكذلك الضّباب إذا هرمت.

قال: ولا يكون ذلك للمائيّة من حيّات الغياض وشطوط الأنهار، ومناقع المياه.

١٠٣٥-[الحيات المائية]

قال: والحيّات المائيّة، إمّا أن تكون برّيّة أو جبليّة، فاكتسحتها السّيول واحتملتها في كثير من أصناف الحشرات والدّوابّ والسّباع، فتوالدت تلك الحيّات وتلاقحت هناك. وإمّا أن تكون كانت أمهاتها وآباؤها في حيّات الماء. وكيف دارت الأمور فإنّ الحيّات في أصل الطّبع مائيّة. وهي تعيش في النّدى، وفي الماء، وفي البرّ وفي البحر، وفي الصّخر والرّمل. ومن طباعها أن ترقّ وتلطف على شكلين: أحدهما لطول العمر، والآخر للبعد من الرّيف. وعلى حسب ذلك تعظم في المياه والغياض.

قال: وكلّ شيء في الماء ممّا يعايش السمك، مما أشبه الحيّات كالمارماهي والأنكليس فإنها كلها على ضربين: فأحدهما من أولاد الحيات انقلبت بما عرض لها من طباع البلد والماء. والآخر من نسل سمك وحيات تلاقحت؛ إذ كان طباع السمك قريبا من طباع تلك الحيّات. والحيّات في الأصل مائيّة، وكلّها كانت حيّات.


[١] يتعادون: يتبارون في العدو. (القاموس: عدو) .
[٢] الطلع: نور النخل. (القاموس: طلع) . الفحال: ذكر النخل. (القاموس: فحل) .

<<  <  ج: ص:  >  >>