للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠٢٨-[النمس والثعابين]

ثمّ قد يزعمون أنّ بمصر دويبّة يقال لها النمس يتّخذها الناطور إذا اشتدّ خوفه من الثّعابين؛ لأنّ هذه الدّابة تنقبض وتنضمّ، تتضاءل وتستدقّ، حتّى كأنها قديدة [١] أو قطعة حبل، فإذا عضّها الثّعبان وانطوى عليها زفرت، وأخذت بنفسها وزخرت جوفها فانتفخ. فتفعل ذلك وقد انطوى عليها، فتقطعه قطعا من شدّة الزّخرة. وهذا من أعجب الأحاديث.

١٠٢٩-[القواتل من الحيات]

والثّعابين إحدى القواتل. ويزعمون أنها ثلاثة أجناس لا ينجع فيها رقية ولا حيلة، كالثعبان، والأفعى، والهنديّة. ويقال: إنّ ما سواها فإنما يقتل مع ما يمدّها من الفزع؛ فقد يفعل الفزع وحده؛ فكيف إذا قارن سمّها؟! وسمّها إن لم يقتل أمرض.

١٠٣٠-[ما يفعل الفزع في المسموم]

ويزعمون أنّ رجلا قال [٢] تحت شجرة، فتدلّت عليه حيّة منها فعضّت رأسه، فانتبه محمرّ الوجه، فحكّ رأسه، وتلفّت، فلم ير شيئا، فوضع رأسه ينام، وأقام مدّة طويلة لا يرى بأسا، فقال له بعض من كان رأى تدلّيها عليه ثمّ تقلّصها عنه وهروبها منه: هل علمت من أيّ شيء كان انتباهك تحت الشّجرة؟ قال: لا والله، ما علمت.

قال: بلى، فإنّ الحيّة الفلانيّة نزلت عليك حتّى عضّت رأسك، فلما جلست فزعا تقلّصت عنك وتراجعت. ففزع فزعة وصرخ صرخة كانت فيها نفسه. وكأنهم توّهموا أنّه لما فزع واضطراب، وقد كان ذلك السمّ مغمورا ممنوعا فزال مانعه، وأوغله ذلك الفزع، حين تفتّحت منافسه، إلى موضع الصّميم والدّماغ وعمق البدن، فانحلّ موضع العقد الذي انعقدت عليه أجزاؤه وأخلاطه.

وأنشد الأصمعيّ: [من الرجز]

نكيثة تنهشه بمنبذ


[١] قديدة: تصغير القدة، وهي جمع القد. والقد: سيور تقد من جلد فطير غير مدبوغ، فتشد بها الأقتاب والمحامل. (اللسان: قدد) .
[٢] قال يقيل قيلولة: نام في نصف النهار.

<<  <  ج: ص:  >  >>