للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلك الرّاحة وتتداوى به. فليس العجب- إن كان ذلك حقّا- إلّا في إمكان ذلك لها في ذلك الوقت، وذلك لا يكون إلّا عن شهوة وشبق مفرط.

٦٤٥-[نشاط الأتراك]

وشبه آخر وشكل من ذلك، كالذي يوجد عند الأتراك عند بلوغ المنزل بعد مسير اللّيل كلّه وبعض النّهار، فإن النّاس في ذلك الوقت ليس لهم إلّا أن يتمددوا ويقيّدوا دوابّهم. والتركي في ذلك الوقت إذا عاين ظبيا أو بعض الصّيد، ابتدأ الرّكض بمثل نشاطه قبل أن يسير ذلك السير، وذلك وقت يهمّ فيه الخارجيّ والخصيّ أنفسهما؛ فإنّهما المذكوران بالصّبر على ظهر الدّابّة.

٦٤٦-[فطام البهائم أولادها]

وليس في الأرض بهيمة تفطم ولدها عن اللّبن دفعة واحدة، بل تجد الظّبية أو البقرة أو الأتان أو الناقة، إذا ظنت أنّ ولدها قد أطاق الأكل منعته بعض المنع، ثمّ لا تزل تنزّل ذلك المنع وترتبه وتدرّجه، حتّى إذا علمت أنّ به غنّى عنها إن هي فطمته فطاما لا رجعة فيه، منعته كلّ المنع.

والعرب تسمّي هذا التّدبير من البهائم التّعفير، ولذلك قال لبيد [١] : [من الكامل]

لمعفّر قهد تنازع شلوه ... غبس كواسب ما يمنّ طعامها

وعلى مثل هذه السّيرة والعادة يكون عمل الحمام في فراخه.

٦٤٧-[من عجيب أمر الحمام]

ومن عجيب أمر الحمام أنّه يقلب بيضه، حتى يصير الذي كان منه يلي الأرض يلي بدن الحمام من بطنه وباطن جناحه، حتّى يعطي جميع البيضة نصيبها من الحضن، ومن مسّ الأرض، لعلمها أن خلاف ذلك العمل يفسده.

وخصلة أخرى محمودة في الحمام، وذلك أنّ البغل المتولّد بين الحمار والرّمكة لا يبقى له نسل، والرّاعبي المتولّد فيما بين الحمام والورشان، يكثر نسله ويطول عمر ولده. والبخت والفوالج، إن ضرب بعضها بعضا خرج الولد منقوص


[١] ديوان لبيد ٣٠٨، واللسان والتاج (قهد، عفر، منن) ، والتهذيب ٦/٥٧، ١٣/٣٤٨، والمقاييس ٤/٦٧، والمجمل ٣/٣٨٤، وديوان الأدب ١/١٠٤، ٣/١٣٥، وكتاب الجيم ٣/١١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>