للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سوق الضباب خير سوق في العرب

وكان أبو إسحاق إبراهيم النظام والعدار، إذا كان عند أيوب قاما عن خوانه [١] ، إذا وضع له عليه ضبّ. ومما قال فيه العدار قوله: [من الطويل]

له كفّ إنسان وخلق عظاية ... وكالقرد والخنزير في المسخ والغضب

١٧٢٢-[القول في المسخ]

والعوامّ تقول ذلك. وناس يزعمون أن الحيّة مسخ، والضبّ مسخ، والكلب مسخ، والإربيان [٢] ، مسخ، والفأر مسخ.

ولم أر أهل الكتاب يقرّون بأنّ الله تعالى مسخ إنسانا قط خنزيرا ولا قردا. إلّا أنهم قد أجمعوا أنّ الله تبارك وتعالى قد مسخ امرأة لوط حجرا [٣] ، حين التفتت [٤] .

وتزعم الأعراب: أنّ الله عزّ ذكره قد مسخ كلّ صاحب مكس وجابي خراج وإتاوة، إذا كان ظالما. وأنه مسخ ماكسين، أحدهما ذئبا والآخر ضبعا.

١٧٢٣-[شعر الحكم بن عمرو في غرائب الخلق]

وأنشد محمّد بن السّكن المعلّم النحويّ، للحكم بن عمرو البهراني، في ذلك وفي غيره شعرا عجيبا، وقد ذكر فيه ضروبا كلّها طريف غريب، وكلها باطل، والأعراب تؤمن بها أجمع.

وكان الحكم هذا أتى بني العنبر بالبادية، على أنّ العنبر من بهراء، فنفوه من البادية إلى الحاضرة، وكان يتفقّه ويفتي فتيا الأعراب [٥] ، وكان مكفوفا ودهريّا


[١] الخوان: المائدة يوضع عليها الطعام.
[٢] الإربيان: ضرب من السمك، وهو القريدس في الشام، والجمبري في مصر. معجم الألفاظ الزراعية ١٩٧.
[٣] تقدم هذا القول في ٣/٣١٣، الفقرة (١٠٢٠) ، وانظر أيضا ٣/٣٠٩، الفقرة (١٠١٠) ، و ٣/٣١٢، الفقرة (١٠١٧) .
[٤] إشارة إلى قوله تعالى في الآية ٨١ من سورة هود: فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ.
[٥] فتيا الأعراب: ضرب من الألغاز يقوم على المقدرة اللغوية. ويتضح هذا الفن في المقامة (٣٢) من مقامات الحريري، مثل قوله «أيستباح ماء الضرير؟ قال: نعم. ويجتنب ماء البصير» . الضرير هنا:
حرف الوادي، والبصير: الكلب. وانظر المزهر ١/٦٢٢- ٦٣٧ حيث أورد مقامة الحريري.

<<  <  ج: ص:  >  >>