للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الفرزدق [١] : [من الوافر]

أمير المؤمنين وأنت عفّ ... كريم، لست بالوالي الحريص [٢]

بعثت إلى العراق ورافديه ... فزاريّا أحذّ يد القميص [٣]

ولم يك قبلها راعي مخاض ... ليأمنه على وركي قلوص [٤]

تفيهق بالعراق أبو المثنّى ... وعلّم قومه أكل الخبيص [٥]

١٣٤٨-[نهر أم عبد الله]

قال [٦] : وبينا غيلان بن خرشة، يسير مع [عبد الله] [٧] بن عامر، إذ وردا على نهر أمّ عبد الله [٨] فقال ابن عامر: ما أنفع هذا النهر لأهل هذا المصر! قال غيلان:

أجل أيها الأمير، والله إنهم ليستعذبون [٩] منه، وتفيض مياههم إليه، ويتعلم صبيانهم فيه العوم، وتأتيهم ميرتهم [١٠] فيه.

فلما أن كان بعد ذلك ساير ذات يوم زيادا- وكان زياد عدوّا لابن عامر- فقال زياد: ما أضرّ هذا النهر بأهل هذا المصر! فقال: أجل والله أيها الأمير! تنزّ منه دورهم، ويغرق فيه صبيانهم، ويبعضون ويبرغثون [١١] !


[١] ديوان الفرزدق ١/٣٨٩ (دار صادر) ، ٤٨٧ (الصاوي) ، والكامل ٢/٧٣ (المعارف) ، والكنايات للجرجاني ٧٤، وزهر الآداب ٥٦، والفاضل ١١١.
[٢] الحريص: ذو الحرص؛ والحرص: الجشع.
[٣] علق ابن قتيبة في الشعر والشعراء ٢٤ «ليدن» على هذا البيت بقوله: «يريد: أوليتها خفيف اليد، يعني في الخيانة، فاضطرته القافية إلى ذكر القميص. ورافداه: دجلة والفرات» .
[٤] المخاض: الحوامل من النوق. القلوص: الشابة من الإبل. إفال: جمع أفيل؛ وهو الفصيل. وفي البيت إشارة إلى أن بني فزارة يرمون بإتيان الإبل. انظر زهر الآداب ٥٦.
[٥] تفيهق: من التفيهق في الكلام، وهو التوسع فيه والتنطع. الخبيص: حلوى تصنع من التمر والسمن.
[٦] الخبر في البيان ١/٣٩٤- ٣٩٥، والعمدة ١/٤٨، (باب البلاغة) .
[٧] زيادة من البيان والعمدة.
[٨] نهر أم عبد الله: بالبصرة؛ منسوب إلى أم عبد الله بن عامر بن كريز أمير البصرة في أيام عثمان.
معجم البلدان ٥/٣١٧.
[٩] يستعذبون: يستقون.
[١٠] الميرة: الطعام يمتاره الإنسان، أي يجتلبه.
[١١] يبعضون: يؤذيهم البعوض. يبرغثون: يؤذيهم البرغوث.

<<  <  ج: ص:  >  >>