للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب في النّيران وأقسامها]

(القول في النّيران وأقسامها) [١] ونحن ذاكرون جملا من القول في النّيران وأجناسها، ومواضعها، وأيّ شيء منها يضاف إلى العجم، وأيّ شيء منها يضاف إلى العرب، ونخبر عن نيران الدّيانات، وغير الدّيانات، وعمّن عظّمها وعمّن استهان بها، وعمّن أفرط في تعظيمها حتّى عبدها. ونخبر عن المواضع التي عظّم فيها من شأن النّار.

١٢٤٠-[نار القربان]

[٢] فمن مواضعها التي عظّمت بها أنّ الله عزّ وجلّ جعلها لبني إسرائيل في موضع امتحان إخلاصهم، وتعرّف صدق نياتهم، فكانوا يتقرّبون بالقربان. فمن كان منهم مخلصا نزلت نار من قبل السّماء حتّى تحيط به فتأكله، فإذا فعلت ذلك كان صاحب القربان مخلصا في تقرّبه. ومتى لم يروها وبقي القربان على حاله، قضوا بأنّه كان مدخول القلب فاسد النّية. ولذلك قال الله تعالى في كتابه: الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ

[٣] .

والدّليل على أنّ ذلك قد كان معلوما، قول الله عزّ وجلّ: قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ

ثمّ إنّ الله ستر على عباده، وجعل بيان ذلك في الآخرة. وكان ذلك التّدبير مصلحة ذلك الزّمان [٤] ، ووفق طبائهم وعللهم، وقد كان القوم من المعاندة والغباوة على مقدار لم يكن لينجع فيهم ويكمل لمصلحتهم إلا ما كان في هذا الوزن، فهذا باب من عظم شأن النّار في صدور النّاس.


[١] انظر ثمار القلوب (٨١٩- ٨٤١) ، الباب التاسع والأربعين، في النيران.
[٢] ثمار القلوب ٤٥٥، (٨٢١) .
[٣] ١٨٣/آل عمران: ٣.
[٤] في ثمار القلوب: «وكان ذلك التدبير مصلحة في ذلك الأمر» .

<<  <  ج: ص:  >  >>