للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمّه: ما أعرف ممّا قال قليلا ولا كثيرا، ولا له عليّ شيء! قال: أصلحك الله تعالى! فاكتب بإنكاره. قال: فقال عمر: الإنكار لا يفوتك، متى أردته فهو بين يديك!

٣٣-[أمنية الجرّار والغزّال]

قال [١] : وقلت لأبي عتّاب الجرّار: ألا ترى عبد العزيز الغزّال وما يتكلم به في قصصه؟ قال: وأيّ شيء قاله؟ قلت: قال: ليت الله تعالى لم يكن خلقني وأنا السّاعة أعور! قال أبو عتّاب: وقد قصّر في القول، وأساء في التمني. ولكنّي أقول: ليت الله تعالى لم يكن خلقني وأنا الساعة أعمى مقطوع اليدين والرجلين!

٣٤-[تعزية طريفة لأبي عتّاب الجرار]

[٢] ودخل أبو عتّاب على عمرو بن هدّاب وقد كفّ بصره، والناس يعزّونه، فمثل بين يديه، وكان كالجمل المحجوم [٣] ، وله صوت جهير، فقال: يا أبا أسيد، لا يسوءنّك ذهابهما، فلو رأيت ثوابهما في ميزانك تمنّيت أنّ الله تعالى قد قطع يديك ورجليك، ودقّ ظهرك، وأدمى ضلعك!.

٣٥-[داود بن المعتمر وبعض النساء]

وبينما داود بن المعتمر الصبّيريّ جالس معي، إذ مرت به امرأة جميلة لها قوام وحسن، وعينان عجيبتان، وعليها ثياب بيض، فنهض داود فلم أشكّ أنّه قام ليتبعها، فبعثت غلامي ليعرف ذلك، فلمّا رجع قلت له: قد علمت أنّك إنما قمت لتكلّمها؛ فليس ينفعك إلا الصّدق، ولا ينجيك منّي الجحود، وإنما غايتي أن أعرف كيف ابتدأت القول، وأي شيء قلت لها- وعلمت أنّه سيأتي بآبدة. وكان مليّا بالأوابد- قال: ابتدأت القول بأن قلت لها [٤] : لولا ما رأيت عليك من سيماء الخير لم أتبعك.

قال: فضحكت حتى استندت إلى الحائط، ثمّ قالت: إنما يمنع مثلك من اتّباع مثلي والطّمع فيها، ما يرى من سيماء الخير فأمّا إذ قد صار سيماء الخير هو الدي يطمع في النساء فإنا لله وإنا إليه راجعون! وتبع داود بن المعتمر امرأة، فلم يزل يطريها حتى أجابت، ودلّها على المنزل


[١] البيان والتبيين ٢/٣١٧- ٣١٨.
[٢] البرصان ٣٤، وعيون الأخبار ٢/٤٨، والعقد الفريد ٣/٣٠٩.
[٣] الحجام: شيء يجعل في فم البعير أو خطمه لئلا يعض. «القاموس: حجم» .
[٤] عيون الأخبار ٢/٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>