وما أكثر ما يعرض للخصيان البول في الفراش وغير ذلك، ولا سيّما إذا بات أحدهم ممتلئا من النبيذ.
ويعرض لهم أيضا حبّ الشراب والإفراط في شهوته وشدّة النّهم.
ويعرض لهم أيضا إيثار المخفس «١» وحبّ الصّرف، وذلك أيضا ممّا يعرض للنساء، والإفراط في شهوتهنّ وشدّة الهمّة لهنّ والغيرة عليهنّ. ويحتلمون، ويجنبون ويغتسلون، ويرون الماء غير الرائق ولا الغليظ، الذي له ريح طلع الفحّال.
ويعرض للخصيّ شدّة الاستخفاف بمن لم يكن ذا سلطان عظيم أو مال كثير أو جاه عريض، حتّى ربّما كان عند مولاه بعض من عسى أن يتقدّم هؤلاء المذكورين الذين يكون الخصيّ كلفا بهم وبتعظيمهم، ومغرما بخدمتهم، في الأدب والحسب، وفي بعد الهمّة وكرم الشّيمة، فيعمد عند دخول ذلك الرجل الذي له السلطان والجاه والمال إلى متّكأ هذا الأديب الكريم، والحسيب الشريف، فينزعه من تحت مرفقه، غير محتفل بذلك ولا مكترث لما فيه، ويضعه له من غير أن يكون موضع المرافق بعيدا، أو كان ذلك ممّا يفوت بعض الفوت، ويفعل ذلك وإن كان يعاشر هذا الأديب الكريم مولاه وهو على يقين أنه لا يرى ذلك الموسر وصاحب الجاه أبدا.
١٢٩-[أقوال في خصاء الخيل]
وقد حرّم بعضهم خصاء الخيل خاصّة، وبعضهم زاد على ذلك حتّى حرّم خصاء البهائم. وقال بعضهم: إذا كان الخصاء إنّما اجتلبه فاعله أو تكلّفه صاحبه على جهة التماس المنفعة، أو على طريق التجارة، فذلك جائز، وسبيله سبيل الميسم، فإنّ الميسم نار، وألمه يجوز كلّ ألم وقد رأينا إبل الصدقة موسومة، ووسمت العرب الخيل وجميع أصناف النّعم في الإسلام، على مثل صنيعها في الجاهليّة. وقد كانت القصواء ناقة النبي صلى الله عليه وسلم موسومة، وكذلك العضباء «٢» .