للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢٠٨-[الشّمّ عند الحيوان]

والعرب تقول: «أشمّ من نعامة» [١] و: «أشمّ من ذرّة» [١] . قال الرّاجز [٢] :

[من الرجز]

أشمّ من هيق وأهدى من جمل

وقال الحرمازيّ، في أرجوزته [٢] : [من الرجز]

وهو يشتمّ اشتمام الهيق

قال: وأخبرنا ابن الأعرابيّ أنّ أعرابيّا كلم صاحبه، فرآه لا يفهم عنه ولا يسمع فقال: «أصلخ كصلخ النّعامة!» [٣] .

وقد يكون الفرس في الموكب وخلفه، على قاب غلوتين، حجر أو رمكة [٤] ، فيتحصّن [٥] تحت راكبه، من غير أن تكون صهلت.

والذّئب يشتمّ ويستروح من ميل، والذّرّة تشتمّ ما ليس له ريح، ممّا لو وضعته على أنفك ما وجدت له رائحة وإن أجدت التشمّم، كرجل الجرادة تنبذها من يدك في موضع لم تر فيه ذرّة قطّ، فلا تلبث أن ترى الذّرّ إليها كالخيط الأسود الممدود.

وقال الشّاعر [٦] ، وهو يصف استرواح الناس: [من الطويل]

وجاء كمثل الرّأل يتبع أنفه ... لعقبيه من وقع الصّخور قعاقع [٧]

فإنّ الرّأل يشتم رائحة أبيه وأمّه والسّبع والإنسان من مكان بعيد. وشبّه به رجلا جاء يتّبع الرّيح فيشتمّ.


[١] المثل في الدرة الفاخرة ١/٢٥٣، وجمهرة الأمثال ١/٥٣٨، ٥٦٠، ومجمع الأمثال ١/٣٨٥، ٣٩١، والمستقصى ١/١٩٧.
[٢] تقدم الرجز في ٣٢٤.
[٣] في مجمع الأمثال ١/٤٠٦ «صلخا كصلخ النعامة» .
[٤] الحجر: أنثى الخيل. والرمكة: البرذونة.
[٥] يتحصن: تبدو منه أمارات الذكورة.
[٦] البيت بلا نسبة في البرصان ٣٠٤، وأساس البلاغة (أنف) .
[٧] الرأل: فرخ النعام.

<<  <  ج: ص:  >  >>