فكقولهم: دعه في لعنة الله وسخط الله، [وأليم عذابه]«١» ، ودعه في نار الله وسعيره «٢» ، وما أشبه ذلك. وقد يسمّي المسلمون والنّاس كلبا.
٣٩٠-[تسمية أنواع من الحيوانات بالكلاب]
وقد زعم آخرون: أنّ بنات آوى، والثعالب والضّباع، والكلاب كلّها كلاب، ولذلك تسافد وتلاقح.
وقال آخرون: لعمري إنّها الكلاب إذا أردتم أن تشبّهوها، فأمّا أن تكون كلابا لعلّة أو علّتين- والوجوه التي تخالف فيها الكلاب أكثر فإنّ هذا ممّا لا يجوز.
وقول من زعم أنّ الجواميس بقر وأنّ الخيل حمر، أقرب إلى الحقّ من قولكم، وقول من زعم أنّ الجواميس ضأن البقر. والبقر ضأن أيضا، ولذلك سمّوا بقر الوحش نعاجا، كأنهم إنما ابتغوا اتّفاق الأسماء.
وما بال من زعم أنّ الأسد والذئب والضبع والثعلب وابن آوى كلاب أحقّ بالصواب ممّن زعم أنّ الجواميس ضأن والبقر ضأن والماعز كلها شيء واحد. وهذا أقرب إلى الإمكان؛ لتشابهها في الظّلف والقرون والكروش وأنّها تجترّ. والسّنّور والفهد والنمر والببر «٣» والأسد والذئب والضبع والثّعلب إلى أن تكون شيئا واحدا أقرب. وعلى أنّنا لم نتبين إلى الساعة أنّ الضّباع والكلاب وبنات آوى والذئاب تتلاقح؛ وما رأينا على هذا قط سمعا «٤» ولا عسبارا «٥» ، ولا كلّ ما يعدّون. وما ذكرهم لذلك إلّا من طريق الإخبار عن السّرعة، أو عن بعض ما يشبه ذلك. فأمّا التلاقح والتركيب العجيب الغريب، فالأعراب أفطن- والكلام عندهم أرخص- من أن يكونوا وصفوا كلّ شيء يكون في الوحش، وكلّ شيء يكون في السّهل والجبل، مما إذا جمع جميع أعاجيبه لم يكن أظرف ولا أكثر ممّا يدّعون من هذا التّسافد والتّلاقح والتراكيب في الامتزاجات. فكيف يدعون ما هو أظرف، والذي هو أعجب وأرغب، إلى ما يستوي في معرفته جميع الناس؟!.