وهو المضروب به المثل في النّجدة والبسالة، وفي شدّة الإقدام والصّولة، فيقال:«ما هو إلّا الأسد على براثنه»«١» و «هو أشدّ من الأسد»«٢» و «هو أجرا من الليث العادي»«٣» و «فلان أسد البلاد»«٤» و «هو الأسد الأسود»«٥» . وقيل لحمزة بن عبد المطّلب أسد الله. فكفاك من نبل الأسد أنّه اشتقّ لحمزة بن عبد المطّلب من اسمه. ويقال للملك أصيد إذا أرادوا أن يصفوه بالكبر وبقلّة الالتفات «٦» ، وبأنّ أنفه فيه أسلوب «٧» ولأنّ الأسد يلتفت معا لأنّ عنقه من عظم واحد. وقال حاتم:[من البسيط]
هلّا إذا مطر السماء عليكم ... ورفعت رأسك مثل رأس الأصيد «٨»
وقال الآخر:[من الطويل]
يذودون كلبا بالرّماح وطيّئا ... وتغلب والصّيد النواظر من بكر
وقال الآخر:[من المتقارب]
وكم لي بها من أب أصيد ... نماه أب ما جد أصيد
وبعد فإنّ الذي يأكل الجيفة لم يبعد من طبع كثير من الناس؛ لأنّ من الناس من يشتهي اللحم الغابّ، ومنهم من يشتهي النّمكسود. وليس بين النّمكسود وبين المصلوب اليابس كبير فرق، وإنّما يذبحون الدّيكة والبطّ والدّجاج والدّرّاج من أوّل الليل، ليسترخي لحمها، وذلك أول التّجييف.
فالأسد أجمع لهذه الخصال من الكلب، فهلّا ذكرتم بذلك الأسد وهو أنبه ذكرا وأبعد صيتا.