للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشعل فيها النّار، ثمّ أطفأهما وقرّبهما إلى منخريه، فلم يلبث أن تحرّك. وها هو ذا قد تراه! قلت له: إن أصحاب الحروب والذين يغسلون الموتى، والأطباء، عندهم في هذا دلالات وعلامات فلا تحمل على نفسك في واحد من أولئك ألّا تستره بالدفن حتى يجيف.

والمجوس يقرّبون الميّت من أنف الكلب، ويستدلون بذلك على أمره فعلمت أنّ الذي عاينّاه من الذّبّان قد زاد في عزمه.

٨٠٠-[النّعر]

والنّعر: ضرب من الذّبان، والواحدة نعرة. وربما دخلت في أنف البعير أو السّبع، فيزمّ بأنفه؛ للذي يلقى من المكروه بسببه. فالعرب تشبّه ذا الكبر من الرجال إذا صعّر خده، وزمّ أنفه- بذلك البعير في تلك الحال. فيقال عند ذلك: «فلان في أنفه نعرة» [١] ، و «في أنفه خنزوانة» [٢] . وقال عمر: «والله لا أقلع عنه أو أطيّر نعرته» [٣] .

ومنها القمع، وهو ضرب من ذبّان الكلأ. وقال أوس [٤] : [من الطويل]

ألم تر أن الله أنزل مزنه ... وعفر الظّباء في الكناس تقمّع

وذلك مما يكون في الصيف وفي الحرّ.

٨٠١-[أذى الذّبّان للدوابّ]

والذّبان جند من جند الله شديد الأذى. وربّما كان أضرّ من الدّبر [٥] في بعض الزمان، وربما أتت على القافلة بما فيها؛ وذلك أنّها تغشى الدوابّ حتّى تضرب بأنفسها الأرض- وهي في المفاوز- وتسقط، فيهلك أهل القافلة؛ لأنهم لا يخرجون من تلك المفاوز على دوابهم- وكذلك تضرب الرّعاء بإبلهم، والجمالون بجمالهم عن تلك الناحية، ولا يسلكها صاحب دابّة، ويقول بعضهم لبعض: بادروا قبل حركة الذّبان، وقبل أن تتحرك ذّبان الرّياض والكلأ!


[١] في الأمثال (في رأسه نعرة) ، والمثل في مجمع الأمثال ٢/٦٩، والمستقصى ٢/٨٣، وجمهرة الأمثال ٢/٩٩.
[٢] جمهرة الأمثال ٢/٩٩.
[٣] النهاية ٥/٨٠. أي حتى أخرج جهله من رأسه.
[٤] ديوان أوس بن حجر ٥٧، واللسان والتاج (قمع، حزن) ، والمقاييس ٨/٢٨، والمخصص ٨/١٨٣، والمجمل ٤/١٢٤، والتهذيب ١/٢٩١، وبلا نسبة في الجمهرة ٩٤١.
[٥] الدبر: جماعة النحل والزنابير «القاموس: دبر» .

<<  <  ج: ص:  >  >>