للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترعى حقّ تربية، ثمّ رأوا شيئا من هذه الحيّات، البيض، المنقّشة الظّهور- لما بيّتوها ونوّموها إلّا في المهد، مع صبيانهم.

١٠١٠-[ردّ على من طعن في تحريم الخنزير]

فيقال لصاحب هذه المقالة: تحريم الأغذية إنّما يكون من طريق العبادة والمحنة، وليس أنه جوهر شيء من المأكول يوجب ذلك. وإنّما قلنا: إنّا وجدنا الله تعالى قد مسخ عبادا من عباده في صور الخنزير دون بقيّة الأجناس، فعلمنا أنّه لم يفعل ذلك إلّا لأمور اجتمعت في الخنزير. فكان المسخ على صورته أبلغ من التّنكيل. لم نقل إلّا هذا.

١٠١١-[القول في القرد]

والقرد يضحك ويطرب، ويقعي ويحكي، ويتناول الطّعام بيديه ويضعه في فيه، وله أصابع وأظفار، وينقي الجوز، ويأنس الأنس الشّديد، ويلقن بالتّلقين الكثير، وإذا سقط في الماء غرق ولم يسبح؛ كالإنسان قبل أن يتعلّم السّباحة. فلم تجد النّاس للذي اعترى القرد من ذلك- دون جميع الحيوان علّة- إلّا هذه المعاني التي ذكرتها، من مناسبة الإنسان من قبلها.

ويحكى عنه من شدّة الزّواج، والغيرة على الأزواج، ما لا يحكى مثله إلّا عن الإنسان؛ لأنّ الخنزير يغار، وكذلك الجمل والفرس، إلّا أنها لا تزاوج. والحمار يغار ويحمي عانته الدّهر كلّه، ويضرب فيها كضربه لو أصاب أتانا من غيرها. وأجناس الحمام تزاوج ولا تغار.

واجتمع في القرد الزّواج والغيرة، وهما خصلتان كريمتان، واجتماعهما من مفاخر الإنسان على سائر الحيوان. ونحن لم نر وجه شيء غير الإنسان أشبه صورة وشبها، على ما فيه من الاختلاف، ولا أشبه فما ووجها بالإنسان من القرد. وربّما رأينا وجه بعض الحمر إذا كان ذا خطم، فلا نجد بينه وبين القرد إلّا اليسير.

وتقول الناس: «أكيس من قشّة» [١] و «أملح من ربّاح» [٢] ولم يقل أحد:

أكيس من خنزير، وأملح من خنّوص. وهو قول العامّة: «القرد قبيح ولكنّه مليح» .


[١] المثل في مجمع الأمثال ٢/١٦٩، والفاخر ٨١، وجمهرة الأمثال ٢/١٧٥، والمستقصى ١/٢٩٧، وأمثال ابن سلام ٣٧٠، والدرة الفاخرة ٢/٣٦٦.
[٢] الرباح: ذكر القرد. (القاموس: ربح) .

<<  <  ج: ص:  >  >>