وقد علمنا أنّ لرائحة الطّيب فضيلة إذا كان بالمدينة، وأنّ الناس إذا وجدوا ريح النّوى المنقع بالعراق هربوا منه. وأشراف أهل المدينة ينتابون المواضع التي يكون فيها ذلك، التماسا لطيب تلك الرائحة.
ويزعم تجّار التّبّت ممن قد دخل الصّين والزّابج «١» ، وقلّب تلك الجزائر، ونقّب في البلاد، أنّ كلّ من أقام بقصبة تبّت اعتراه سرور لا يدري ما سببه، ولا يزال مبتسما ضاحكا من غير عجب حتى يخرج منها.
ويزعمون أنّ شيراز من بين قرى فارس، لها فغمة طيّبة. ومن مشى واختلف في طرقات مدينة الرّسول صلى الله عليه وسلم، وجد منها عرفا طيّبا وبنّة عجيبة لا تخفى على أحد، ولا يستطيع أن يسمّيها «٢» .
ولو أدخلت كلّ غالية وكلّ عطر، من المعجونات وغير المعجونات، قصبة الأهواز أو قصبة أنطاكية لوجدته قد تغيّر وفسد، إذا أقام فيها الشّهرين والثّلاثة.
٢٢٠٠-[أثر بعض التمر في العرق]
وأجمع أهل البحرين أنّ لهم تمرا يسمى النّابجيّ، وأنّ من فضخه وجعله نبيذا ثمّ شربه وعليه ثوب أبيض، صبغه عرقه، حتى كأنه ثوب أتحميّ «٣» .
٢٢٠١-[استعمال الفيلة]
وزعم لي بعض البحريّين أنها بالهند تكون نقّالة وعوامل كعوامل البقر والإبل.
والنّقالة التي تكون في الكلّاء «٤» والسّوق. وأنها تذلّ لذلك وتسامح وتطاوع، وأنّ لها غلّات من هذا الوجه.
وزعم لي أنّ أحد هذه الفيلة التي رأيناها بسرّ من رأى، أنّه كان لقصّار بأرض سندان «٥» ، يحمل عليه الثّياب إلى الموضع الذي يغسلها فيه. ولا أعلمه إلا الفيل الذي بعث به ماهان أو زكريا بن عطية.