يقول: الكلب وإن أخرسه البرد الذى يكون مع المطر والرّيح التي تمرّ بالصّحارى المطيرة فتبرد، فإنّ الكلب وإن ناله ذلك فإنّ ذلك من خصب، وليس ذلك من صرّ.
٢٩٤-[سبب نبح الكلاب السحاب]
والكلب إذا ألحّت عليه السحائب بالأمطار في أيام الشتاء لقي جنّة فمتى أبصر غيما نبحه «١» ، لأنّه قد عرف ما يلقّى من مثله، وفي المثل: «لا يضرّ السّحاب نباح الكلاب» «٢» فقال الشاعر: [من الطويل]
وما لي لا أغزو وللدّهر كرّة ... وقد نبحت نحو السماء كلابها
يقول: قد كنت أدع الغزو مخافة العطش على الخيل والأنفس، فما عذري اليوم والغدران كثيرة، ومناقع المياه موفورة.
والكلاب لا تنبح السحاب إلّا من إلحاح المطر وترادفه «٣» .
وقال الأفوه الأوديّ، في نبح الكلاب السحاب، وذلك من وصف الغيم: [من الطويل]
له هيدب دان ورعد ولجّة ... وبرق تراه ساطعا يتبلّج «٤»
فباتت كلاب الحيّ ينبحن مزنه ... وأضحت بنات الماء فيها تعمّج «٥»
٢٩٥-[قول أبي حيّة النميري في الكلب]
وقال أبو خالد النميريّ: وذكروا فرعون ذا الأوتاد عند أبي حيّة النميريّ، فقال أبو حيّة: الكلب خير منه وأحزم! قال: فقيل له كيف خصصت الكلب بذلك؟ قال:
لأنّ الشاعر يقول: [من الطويل]
وما لي لا أغزو وللدّهر كرّة ... وقد نبحت نحو السماء كلابها
وقال الفرزدق: [من الطويل]
فإنّك إن تهجو حنيفة سادرا ... وقبلك قد فاتوا يد المتناول «٦»