ويقال: ليس في الأرض فحل من جميع أجناس الحيوان لذكره حجم ظاهر إلّا الإنسان والكلب. وليس في الأرض شيئان يتشابكان من فرط إرادة كلّ واحد منهما لطباع صاحبه، حتى يلتحم عضو الذكر بعضو الأنثى حتّى يصير التحامهما التحام الخلقة والبنية، لا كالتحام الملامسة والملازمة، إلّا كما يوجد من التحام قضيب الكلب بثفر الكلبة وقد يلزق القراد، ويغمس العلس «١» مقاديمه في جوف اللحم، حتّى يرى صاحب القراد كأنّه صاحب ثؤلول «٢» . وما القراد المضروب به المثل في الالتحام إلّا دون التحام الكلبين. ولذلك إذا ضربوا المثل للمتباضعين بالسّيوف، والملتقيين للصّراع، فالتفّ بعضهم ببعض، قالوا:«كأنهم الكلاب المتعاظلة»«٣» . وليس هذا النّوع من السّفاد إلّا للكلاب وزعم صاحب المنطق وغيره، أنّ الذّباب في ذلك كالكلب.
٢٨٩-[إسماعيل بن غزوان وجارية مويس بن عمران]
وكان إسماعيل بن غزوان قد تعشّق جارية كانت لمويس بن عمران، وكانت إذا وقعت وقعة إليه لم تمكث عنده إلّا بقدر ما يقع عليها، فإذا فرغ لبست خفّها وطارت، وكان إسماعيل يشتهي المعاودة وأن يطيل الحديث، ويريد القرص والشمّ والتقبيل والتجريد، ويعلم أنّه في الكوم الثاني والثالث أجدر أن ينظر، وأجدر أن يشتفي فكان ربّما ضجر ويذكرها بقلبه وهو في المجلس، فيقول: يا ربّ امسخني وإيّاها كلبين ساعة من الليل أو النّهار، حتّى يشغلها الالتحام عن التفكير في غضب مولاتها إن احتبست!!
٢٩٠-[أعجوبة في الكلبة]
وفي الكلبة أعجوبة أخرى «٤» : وذلك أنّه يسفدها كلب أبقع وكلب أسود وكلب أبيض وكلب أصفر، فتؤدّي إلى كلّ سافد شكله وشبهه، في أكثر ما يكون ذلك.