فذهبت الجهمية ومن أنكر إيجاد الطّبائع مذهبا، وذهب ابن حائط ومن لفّ لفّه من أصحاب الجهالات مذهبا، وذهب ناس من غير المتكلمين، واتّبعوا ظاهر الحديث وظاهر الأشعار، وزعموا أنّ الحجارة كانت تعقل وتنطق، وإنما سلبت المنطق فقط. فأمّا الطير والسّباع فعلى ما كانت عليه.
ولم أقف على واحد منهم فأقول له: إنّ الوزغة التي تقتلها على أنّها كانت تضرم النّار على إبراهيم أهي هذه أم هي من أولادها فمأخوذة هي بذنب غيرها؟ أم تزعم أنّه في المعلوم أن تكون تلك الوزغ لا تلد ولا تبيض ولا تفرخ إلّا من يدين بدينها، ويذهب مذهبها؟! وليس هؤلاء ممّن يفهم تأويل الأحاديث، وأيّ ضرب منها، يكون مردودا، وأيّ ضرب منها يكون متأوّلا، وأيّ ضرب منها يقال إنّ ذلك إنّما هو حكاية عن بعض القبائل.
ولذلك أقول: لولا مكان المتكلمين لهلكت العوامّ، واختطفت واسترقت، ولولا المعتزلة لهلك المتكلمون.
١١٥٣-[أحاديث في الوزغ]
شريك عن التّخميّ، عن ليث، عن نافع، أنّ ابن عمر كان يقتل الوزغ في بيته ويقول هو شيطان! هشام بن حسّان، عن خالد الرّبعيّ، قال: لم يكن شيء من خشاش الأرض إلّا كان يطفئ النّار عن إبراهيم، إلّا الوزغ، فإنّه كان ينفخ عليه.
حنظلة بن أبي سفيان، قال: سمعت القاسم بن محمّد يقول إنّ الأوازغ كانت يوم حرق بيت المقدس تنفخه والوطاوط بأجنحتها.
شريك عن النّخعيّ، عن جابر، عن ابن عباس، قال: الوزغ شريك الشيطان.
أبو داود الواسطيّ قال: أخبرنا أبو هاشم، قال [١] : من قتل وزغة حطّ الله عنه سبعين خطيئة، ومن قتل سبعا كان كعتق رقبة.
[١] الجامع الصغير للسيوطي رقم ٨٩١٥. وانظر جامع الأصول ١٠/٢٣٦- ٢٣٧.