للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخصيّا كان أو فحلا، إلّا نكحه من فرط غلمته، ومن قوّة فحلته: صيصية. ويقولون:

ما فلان إلا صيصية، وهو عندهم اسم لمن اشتدّ لواطه؛ تشبيها منهم بصيصية الديك في الحدّة والصّلابة.

٤٤٢-[مزايا الديك]

وللديك انتصابه إذا قام، ومباينته صورة في العين لصورة الدجاجة، وليس هذا الفرق الواضح من جميع الإناث والذكور موجودا إلّا فيه، وليس ذلك للحمام والحمامة، ولا للحمار والحمارة، ولا للبرذون والرّمكة «١» ولا للفرس والحجر «٢» ، ولا للجمل والنّاقة؛ وليس ذلك إلّا لهذه الفحولة لأنّها كالرّجل والمرأة، والتّيس والظبية، والدّيك والدّجاجة وكالفحّال والنخلة المطعمة. ألا ترى أنّك لو رأيت ناقة مقبلة لم تدر أناقة هي أم جمل، حتى تنظر إلى موضع الثّيل والضّرع، وإلى موضع الحيا.

وكذلك العنز، وكذلك جميع ما وصفت، إلّا أن يدّعوا أن للعامة أو لبعض الخاصة في ذلك خصوصيّة. ولذلك ضربوا المثل بالتّيس والنخلة والفحّال، فاشتقوا من هذا الفحل. وهذا أيضا من خصال الدّيك.

ثمّ للديك لحية ظاهرة، وليست تكون اللّحى إلّا للجمل فإنّه يوصف بالعثنون، وإلّا للتّيس وإلّا للرّجل. وقال الرّاجز في الجمل: [من الرجز]

مختلط العثنون كالتّيس الأحمّ ... سام كأنّ رأسه فيه وذم

إذ ضمّ من قطريه هياج قطم

ثمّ الديك بعد صاحب اللّحية والفرق «٣» . وقالت امرأة في ولدها وزوجها: [من الرجز]

أشهب ذي رأس كرأس الديك «٤»

أمّا قولها أشهب، فإنّها تريد أنّ شعر جسده قد ابيضّ من الكبر، وإنّما جعلت شعر رأسه كرأس الديك لأنّه كان مخضوب الرأس واللّحية بالحمرة، ثمّ لم ترض له بشبه الرجال من هذا الوجه حتّى جعلت رأسه أفرق، وذلك شيء من الجمال والوقار والفضل، لايتهيّأ للناس مع كمالهم وتمامهم إلّا بالتكلف والاحتيال فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>