والمذكورون من النّاس بالكبر، ثمّ من قريش: بنو محزوم، وبنو أميّة. ومن العرب: بنو جعفر بن كلاب، وبنو زرارة بن عدس خاصّة.
فأمّا الأكاسرة من الفرس فكانوا لا يعدّون النّاس إلّا عبيدا، وأنفسهم إلّا أربابا.
ولسنا نخبر إلا عن دهماء النّاس وجمهورهم كيف كانوا، من ملوك وسوقة.
١٧١٦-[الكبر في الأجناس الذليلة]
والكبر في الأجناس الذّليلة من النّاس أرسخ وأعمّ. ولكنّ الذلة والقلّة مانعتان من ظهور كبرهم، فصار لا يعرف ذلك إلّا أهل المعرفة. كعبيدنا من السّند، وذمّتنا من اليهود.
والجملة أنّ كلّ من قدر من السّفلة والوضعاء والمحقرين أدنى قدرة، ظهر من كبره على من تحت قدرته، على مراتب القدرة، ما لا خفاء به. فإن كان ذمّيّا وحسن بما له في صدور النّاس، تزيّد في ذلك، واستظهرت طبيعته بما يظنّ أنّ فيه رقع ذلك الخرق، وحياص [١] ذلك الفتق، وسد تلك الثّلمة. فتفقد ما أقول لك، فإنك ستجده فاشيا.
وعلى هذا الحساب من هذه الجهة، صار المملوك أسوأ ملكة من الحرّ.
وشيء قد قتلته علما، وهو أنّي لم أر ذا كبر قطّ على من دونه إلا وهو يذلّ لمن فوقه بمقدار ذلك ووزنه.
١٧١٧-[كبر قبائل من العرب]
فأمّا بنو مخزوم. وبنو أميّة، وبنو جعفر بن كلاب، وبنو زرارة بن عدس، فأبطرهم ما وجدوا لأنفسهم من الفضيلة. ولو كان في قوى عقولهم وديانتهم فضل على قوى دواعي الحميّة فيهم، لكانوا كبنى هاشم في تواضعهم، وفي إنصافهم لمن دونهم.