للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالات، وتختلف في أجناسه الوجوه: فمنها ما يكون مثل زق الحمام لفرخه، والزقّ في معنى القيء أو في معنى التقيؤ وليس بهما؛ وجرّة البعير والشاة والبقرة في معنى ذلك، وليس به. والبعير يريد أن يعود في خضمه [١] الأوّل واستقصاء طعمه. وربّما كانت الجرّة رجيعا. والرّجيع: أن يعود على ما قد أعاد عليه مرّة حتّى ينزعه من جوفه، ويقلبه عن جهته.

٦٤١-[زقّ الحمام]

والحمام يخرجه من حوصلته ومن مستكنّه وقراره، وموضع حاجته واستمرائه، بالأثرة والبرّ، إلى حوصلة ولده. قد ملك ذلك وطابت به نفسه ولم تغنث عليه نفسه ولم يتقذّر من صنيعه، ولم تخبث نفسه، ولم تتغيّر شهوته. ولعلّ لذّته في إخراجه أن تكون كلذّته في إدخاله، وإنما اللذة في مثل هذا بالمجاري، كنحو ما يعتري مجرى النّطفة من استلذاذ مرور النّطفة، فهذا شأن قلب الحمام ما في جوفه، وإخراجه بعد إدخاله. والتمساح يخرجه على أنّه رجعه ونجوه الذي لا مخرج له ولا فرج له في سواه.

٦٤٢-[طبيعة الإنسان والحيوان في الطعام]

وقد يعتري ذلك الإنسان لما يعرض من الدّاء، فلا يعرف إلّا الأكل والقيء، ولا يعرف النّجو إلّا في الحين على بعض الشّدّة. وليس ما عرض بسبب آفة كالذي يخرج على أصل تركيب الطبيعة.

والسّنّور والكلب على خلاف ذلك كلّه، لأنهما يخرجانه بعارض يعرض لهما من خبث النّفس، ومن الفساد، ومن التّثوير والانقباض ثمّ يعودان بعد ذلك فيه من ساعتهما، مشتهيين له، حريصين عليه.

والإنسان إذا ذرعه ذلك لم يكن شيء أبغض إليه منه، وربّما استقاء وتكلّف ذلك لبعض الأمر. وليس التكلف في هذا الباب إلّا له.

وذوات الكروش كلها تقعص بجرّتها، فإذا أجادت مضغه أعادته، والجرّة هي الفرث، وأشدّ من ذلك أن تكون رجيعا، فهي تجيد مضغها وإعادتها إلى مكانها، إلّا أنّ ذلك ممّا لا يجوز أفواهها. وليس عند الحافر من ذلك قليل ولا كثير، بوجه من الوجوه.


[١] الخضم: الأكل بأقصى الأضراس «القاموس: خضم» .

<<  <  ج: ص:  >  >>