للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طلب من قبله علم المنطق، وإن كان المتكلم رفيق اللّسان، حسن البيان، إلّا أنّي لا أشكّ على حال أنّ النفوس إذ كانت إلى الطّرائف أحنّ، وبالنّوادر أشغف، وإلى قصار الأحاديث أميل، وبها أصبّ- أنّها خليقة لاستثقال الكثير، وإن استحقّت تلك المعاني الكثيرة، وإن كان ذلك الطّويل أنفع، وذلك الكثير أردّ [١] .

١٦٦٩-[سرد سائر أبواب الكتاب]

وسنبدأ بعون الله تعالى وتأييده، بالقول في الحشرات والهمج، وصغار السباع، والمجهولات الخاملة الذّكر من البهائم، ونجعل ذلك كله بابا واحدا، ونتّكل، بعد صنع الله تعالى، على أنّ ذلك الباب إذ كان أبوابا كثيرة، وأسماء مختلفة- أنّ القارئ لها لا يملّ بابا حتّى يخرجه الثّاني إلى خلافه، وكذلك يكون مقام الثّالث من الرّابع، والرّابع من الخامس، والخامس من السّادس.

١٦٧٠-[مقياس قدر الحيوان]

وليس الذي يعتمد عليه من شأن الحيوان عظم الجثة، ولا كثرة العدد، ولا ثقل الوزن! والغاية التي يجرى إليها، والغرض الذي نرمي إليه غير ذلك، لأن خلق البعوضة وما فيها من عجيب التركيب، ومن غريب العمل، كخلق الذّرّة وما فيها من عجيب التركيب، ومن الأحساس الصّادقة، والتدابير الحسنة، ومن الرويّة والنظر في العاقبة، والاختيار لكلّ ما فيه صلاح المعيشة، ومع ما فيها من البرهانات النيرة، والحجج الظّاهرة [٢] .

وكذلك خلق السّرفة [٣] وعجيب تركيبها، وصنعة كفّها، ونظرها في عواقب أمرها.

وكذا خلق النّحلة مع ما فيها من غريب الحكم، وعجيب التّدبير، ومن التقدّم فيما يعيشها، والادخار ليوم العجز عن كسبها، وشمّها ما لا يشمّ، ورؤيتها لما لا يرى، وحسن هدايتها، والتّدبير في التأمير عليها، وطاعة ساداتها، وتقسيط أجناس الأعمال بينها، على أقدار معارفها وقوّة أبدانها [٤] .


[١] أردّ: أنفع.
[٢] وردت الفقرة السابقة في ثمار القلوب (٦٤٢) .
[٣] السرفة: دودة القز.
[٤] وردت الفقرة السابقة في ثمار القلوب (٧٣٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>