فحدّثني إبراهيم قال: شهدت أكثر هذه التّجرية التي كانت منهم في إسكار البهائم وأصناف السباع، ولقد احتال لأسد مقلّم الأظفار ينادى عليه: العجب العجب!! حتى سقاه وعرف مقداره في الاحتمال، فزعم، أنّه لم يجد في جميع الحيوان أملح سكرا من الظّبي. ولولا أنّه من الترفّه لكنت لا يزال عندي الظّبي حتّى أسكره وأرى طرائف ما يكون منه.
٤٣٨-[التعلم والجرأة عند بعض الحيوان]
قال: وإناث الكلاب السّلوقيّة أسرع تعلّما من الذّكورة.
والعامّة تزعم أنّ اللّبؤة أجرأ من الأسد، وليس ذلك بشيء، وهو أنزق وأحدّ، وأفرق من الهجهجة «١» ، وأبعد من التصميم وشدّة الصّولة.
٤٣٩-[بين عروة بن مرثد وكلب حسبه لصّا]
قال بشر بن سعيد «٢» : كان بالبصرة شيخ من بني نهشل يقال له عروة بن مرثد، نزل ببني أخت له في سكّة بني مازن، وبنو أخته من قريش، فخرج رجالهم إلى ضياعهم وذلك في شهر رمضان، وبقيت النّساء يصلّين في مسجدهم، فلم يبق في الدار إلّا كلب يعسّ، فرأى بيتا فدخل وانصفق الباب، فسمع الحركة بعض الإماء فظّنوا أنّ لصّا دخل الدار فذهبت إحداهنّ إلى أبي الأعزّ، وليس في الحيّ رجل غيره، فأخبرته فقال أبو الأعزّ: ما يبتغي اللصّ منّا؟! ثمّ أخذ عصاه وجاء حتّى وقف على باب البيت فقال: إيه يا ملأمان «٣» ! أما والله إنّك بي لعارف، وإنّي بك أيضا لعارف، فهل أنت إلا من لصوص بني مازن، شربت حامضا خبيثا، حتّى إذا دارت الأقداح في رأسك منّتك نفسك الأماني، وقلت دور بني عمرو، والرّجال خلوف، والنّساء يصلّين في مسجدهنّ، فأسرقهنّ! سوءة والله، ما يفعل هذا الأحرار! لبئس والله ما منّتك نفسك! فاخرج وإلّا دخلت عليك فصرمتك منّي العقوبة! لايم الله لتخرجنّ أو لأهتفنّ هتفة مشؤومة عليك، يلتقي فيها الحيّان: عمرو وحنظلة، ويصير أمرك إلى