الماء، وتدخل مداخل لم يكن ليبلغها الطّعام بنفسه. وليس علم الأيّل بهذا كان عن تجربة متقدمة، بل هذا يوجد في أوّل ما يأكل الحيّات وفي آخره.
٢٠١٢-[تعلّق رؤوس الحيات في بدن الأيّل]
وربما اصطيد الأيّل فيجد القنّاص رؤوس الأفاعي وسائر الحيات ناشبة الأسنان في عنقه وجلد وجهه، لأنه يريد أكلها فرّبما بدرته الأفعى والأسود وغيرهما من الحيات فتعضّه، وهو يأكلها ويأكل ما ينال منها ويفوته ما تعلق به منها بالعضّ، فتبقى الرّؤوس مع الأعناق معلّقة عليه إلى أن تنقطع.
٢٠١٣-[اختفاء الوعل حين نصول قرنه]
قالوا «١» : وليس شيء من ذوات القرون ينصل «٢» قرنه في كلّ عام إلا الوعل، فإذا علم أنّه غير ذي قرن، وأنه عديم السلاح، لم يظهر من مخافة السباع. فإذا طال مكثه في موضعه سمن، فإذا سمن علم أن حركته تفقد وتبطئ، فزاد ذلك في استخفائه وقلّة تعرّضه، واحتال بألّا يكون أبدا على علاوة الريح، فإذا نجم قرنه «٣» لم يجد بدّا من أن يمظّعه «٤» ويعرّضه للشمس والريح، حتى إذا أيقن أنه قد اشتد أكثر المجيء والذهاب التماسا أن يذهب شحمه، ويشتد لحمه، وعند ذلك يحتال في البعد من السّباع، حتى إذا أمكنه استعمال قرنيه في النزال والاعتماد عليهما، والوثوب من جهتهما، رجع إلى حاله من مراعيه وعاداته. ولذلك قال عصام بن زفر «٥» : [من الرجز]
ترجو الثّواب من صبيح يا حمل ... قد مصّه الدهر فما فيه بلل
إن صبيحا ظاعن فمحتمل ... فلائذ منك بشعب من جبل
كما يلوذ من أعاديه الوعل
فضرب به المثل كما ترى في الاحتيال والهرب من أعدائه: وقال الراجز «٦» :
لما رأيت البرق قد تبسّما ... وأخرج القطر القروع الأعصما