قال: وليس شيء يحمل من عدد الأرطال ما يحمل الفيل، لأنّ الذي يفضل فيما بين حمل الفيل وحمل البختيّ أكثر من قدر ما يفضل بين جسم الفيل على جسم البختي.
وقد قال الأعرابيّ الذي أدخل على كسرى ليعجب من جفائه وجهله، حين قال له: أيّ شيء أبعد صوتا؟ قال: الجمل. قال: فأيّ شيء أطيب لحما؟ قال: الجمل.
قال: فأيّ شيء أنهض بالحمل؟ قال: الجمل. قال كسرى: كيف يكون الجمل أبعد صوتا ونحن نسمع صوت الكركيّ من كذا وكذا ميلا؟ قال الأعرابي: ضع الكركيّ في مكان الجمل، وضع الجمل في مكان الكركيّ حتى يعرف أيّهما أبعد صوتا. قال:
وكيف يكون لحم الجمل أطيب من لحم البطّ والدّجاج والفراخ والدّرّاج والنّواهض والجداء؟ قال الأعرابيّ: يطبخ لحم الدّجاج بماء وملح، ويطبخ لحم الجمل بماء وملح، حتى يعرف فضل ما بين اللّحمين. قال كسرى: فكيف تزعم أنّ الجمل أحمل للثّقل من الفيل والفيل يحمل كذا وكذا رطلا؟ قال الأعرابيّ: ليبرك الفيل ويبرك الجمل، وليحمل على الفيل حمل الجمل، فإن نهض به فهو أحمل للأثقال.
قال القوم: ليس في استطاعة الجمال النهوض بالأحمال ما يوجب لها فضيلة على حمل ما هو أثقل. ولعمري، إنّ للجمل بلين أرساغه وطول عنقه لفضيلة في النّهوض بعد البروك، فأمّا نفس الثقل فالذي بينهما أكثر من أن يقع بينهما الخيار.
قالوا: وبفارس ثيران تحمل حمل الجمل باركة ثم تنهض به. فهذا باب الذمّ.
٢١٦١-[مناقب الفيل]
فأمّا باب الحمد فقد حدّثنا عن شريك، عن جابر الجعفي، قال: رأيت الشعبيّ خارجا فقلت له: إلى أين؟ قال: أنظر إلى الفيل.
قال: وسألت أبا عبيدة فقلت: ما لون الفيل؟ قال: جون.
٢١٦٢-[ما يحث به الفيل]
ومن أعاجيب الفيل أن سوطه الذي به يحثّ ويصرّف، محجن حديد طرفه في جبهته، والطّرف الآخر في يد راكبه، فإذا راد منه شيئا غمز تلك الحديدة في لحمه، على قدر إرادته لوجوه التصرّف «١» .