[باب ذكر ما يعتري الإنسان بعد الخصاء وكيف ما كان قبل الخصاء]
قالوا: كلّ ذي ريح منتنة، وكلّ ذي دفر وصنان كريه المشمّة، كالنّسر وما أشبهه، فإنّه متى خصي نقص نتنه وذهب صنانه، غير الإنسان، فإنّ الخصيّ يكون أنتن، وصنانه أحدّ، ويعمّ أيضا خبث العرق سائر جسده، حتى لتوجد لأجسادهم رائحة لا تكون لغيرهم. فهذا هذا.
وكلّ شيء من الحيوان يخصى فإنّ عظمه يدقّ، فإذا دقّ عظمه استرخى لحمه، وتبرّأ من عظمه، وعاد رخصا رطبا، بعد أن كان عضلا صلبا، والإنسان إذا خصي طال عظمه وعرض، فخالف أيضا جميع الحيوان من هذا الوجه.
وتعرض للخصيان أيضا طول أقدام، واعوجاج في أصابع اليد، والتواء في أصابع الرّجل، وذلك من أوّل طعنهم في السنّ. وتعرض لهم سرعة التغيّر والتبدّل، وانقلاب من حدّ الرطوبة والبضاضة وملاسة الجلد، وصفاء اللون ورقّته، وكثرة الماء وبريقه، إلى التكرّش والكمود، وإلى التقبّض والتخدّد، وإلى الهزال، وسوء الحال. فهذا الباب يعرض للخصيان، ويعرض أيضا لمعالجي النبات من الأكرة من أهل الزرع والنخل، لأنّك ترى الخصيّ وكأنّ السيوف تلمع في لونه، وكأنّه مرآة صينيّة، وكأنه وذيلة مجلوّة، وكأنه جمّارة رطبة، وكأنه قضيب فضّة قد مسّه ذهب، وكأن في وجناته الورد، ثم لا يلبث كذلك إلا نسيئات «١» يسيرة، حتى يذهب ذلك ذهابا لا يعود، وإن كان ذا خصب، وفي عيش رغد، وفي فراغ بال، وقلّة نصب.
٧١-[طرائف عبد الأعلى القاصّ]
وكان من طرائف ما يأتي به عبد الأعلى القاصّ، قوله في الخصي، وكان لغلبة