عاريّة في أيديهم ممّن خلقهم ومكّنهم وألهمهم وعلّمهم، وكان ذلك منهم صوابا عند جميع الناس؛ فالذي أعارهم هذه النّعمة أحقّ بالاشتقاق وأوجب طاعة. وكما أنّ له أن يبتدئ الأسماء؛ فكذلك له أن يبتدئها ممّا أحبّ.. قد سمّى كتابه المنزل قرآنا، وهذا الاسم لم يكن حتى كان، وجعل السجود للشمس كفرا، فلا يجوز أن يكون السجود لها كفرا إلّا وترك ذلك السجود بعينه يكون إيمانا، والترك للشيء لا يكون إلّا بالجارحة التي كان بها الشيء، وفي مقداره من الزمان، وتكون بدلا منه وعقبا. فواحدة أن يسمّى السجود كفرا، وإذا كان كفرا كان جحودا وإذا كان جحودا كان شركا، والسجود ليس بجحد، والجحد ليس بإشراك إلّا أن تصرفه إلى الوجه الذي يصير به إشراكا.
٢٥٢-[ما اشتق من نباح الكلاب]
وقال طفيل الغنويّ:[من الطويل]
عوازب لم تسمع نبوح مقامة ... ولم تر نارا تمّ حول مجرّم «١»
وإنّما أخذ ذلك للجميع من نباح الكلاب.
وذكروا أن الظّبي إذا أسنّ ونبتت لقرونه شعب نبح، وهو قول أبي دؤاد:[من الهزج]
وقصرى شنج الأنسا ... ء نبّاح من الشعب «٢»
يعني من جهة الشعب؛ وأنشد بعضهم:[من الطويل]
وينبح بين الشعب نبحا كأنّه ... نباح سلوق أبصرت ما يريبها «٣»
وبيّضها الهزل المسوّد غيرها ... كما ابيضّ عن حمض المراحم نيبها
لأن الظّبي إذا هزل ابيضّ، والبعير يشيب وجهه من أكل الحمض. وكذلك قال ابن لجأ:[من الرجز]