بالضّعف واللّؤم والآخر:[كلّ غراب يتشاءم به. و]«١» إنّما لزمه هذا الاسم لأن الغراب إذا بان أهل الدّار للنّجعة، وقع في مرابض بيوتهم يلتمس ويتقمّم، فيتشاءمون به ويتطيّرون منه، إذ كان لا يعتري منازلهم إلّا إذا بانوا، فسمّوه غراب البين. ثمّ كرهوا إطلاق ذلك الاسم له مخافة الزّجر والطّيرة، وعلموا أنّه نافذ البصر صافي العين- حتى قالوا:«أصفى من عين الغراب»«٢» . كما قالوا:«أصفى من عين الدّيك»«٣» - فسمّوه الأعور كناية، كما كنوا طيرة عن الأعمى فكنوه أبا بصير. وبها اكتنى الأعشى بعد أن عمي. ولذلك سمّوا الملدوغ والمنهوش سليما، وقالوا للمهالك من الفيافي:
المفاوز. وهذا كثير.
والغدقان «٤» جنس من الغربان، وهي لئام جدّا.
٤٨٩-[التشاؤم بالغراب]
ومن أجل تشاؤمهم بالغراب اشتقّوا من اسمه الغربة، والاغتراب، والغريب.
وليس في الأرض بارح ولا نطيح «٥» ، ولا قعيد، ولا أعضب «٦» ولا شيء مما يتشاءمون به إلّا والغراب عندهم أنكد منه، يرون أنه صياحه أكثر أخبارا، وأنّ الزّجر فيه أعمّ. وقال عنترة:[من الكامل]