للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وناس يزعمون أنّ أكل لحمان الحيوان المذكور بطول العمر، يزيد في العمر.

فصدّق بذلك ابن الخاركي وقال: هذا كما يزعمون أن أكل الكلية جيّد للكلية.

وكذلك الكبد، والطّحال، والرّئة، واللّحم ينبت اللّحم، والشّحم ينبت الشّحم.

فغبر [١] سنة وليس يأكل إلّا قديد لحوم الحمر الوحشية، وإلا الورشان والضّباب، وكلّ شيء قدر عليه مما يقضي له بطول العمر، فانتقض بدنه، وكاد يموت، فعاد بعد إلى غذائه الأوّل.

[تفسير قصيدة البهراني [٢]]

نقول في تفسير قصيدة البهراني، فإذا فرغنا منها ذكرنا ما في الحشرات من المنافع والأعاجيب والروايات، ثم ذكرنا قصيدتي أبي سهل بشر بن المعتمر في ذلك، وفسرناهما وما فيهما من أعاجيب ما أودع الله تعالى هذا الخلق وركّبه فيهم.

إن شاء الله تعالى. وبالله تبارك وتعالى أستعين.

١٧٥٩-[شعر في المكس والأتاوة]

أما قوله: [من الخفيف]

٢- «مسخ الماكسين ضبعا وذئبا ... فلهذا تناجلا أمّ عمرو»

فإن ملوك العرب كانت تأخذ من التّجّار في البرّ والبحر، وفي أسواقهم، المكس، وهو ضريبة كانت تؤخذ منهم، وكانوا يظلمونهم في ذلك. ولذلك قال التّغلبي، وهو يشكو ذاك في الجاهلية ويتوعد وهو قوله [٣] : [من الطويل]

ألا تستحي منّا ملوك وتتّقي ... محارمنا لا يبوؤا الدّم بالدّم

وفي كلّ أسواق العراق إتاوة ... وفي كلّ ما باع امرؤ مكس درهم

والإتاوة والأربان والخرج كله شيء واحد. وقال الآخر [٤] : [من الطويل]

ألا ابن المعلّى خلتنا أم حسبتنا ... صراري نعطي الماكسين مكوسا

وقال الأصمعيّ، في ذكر المكس والسّفن التي كان تعشر، في قصيدته التي


[١] غبر: مكث.
[٢] تقدمت القصيدة ص ٣٥٨- ٣٦٠.
[٣] البيتان في المفضليات ٢١١، وتقدما في الفقرة (٢٤١) .
[٤] البيت ليزيد بن الخذاق في المفضليات ٢٩٨، وتقدم في الفقرة (٢٤١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>