للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ما ألطف ما سألت! لأملأنّ بيتك جرذانا. تذكر أنّ بيتها قفر من الأدم والمأدوم، فأكثر لها يا غلام من ذلك.

قال [١] : وسمعت قاصّا مدينيّا يقول في دعائه: اللهمّ أكثر جرذاننا وأقلّ صبياننا.

١٤٠٢-[فزع الناس من الفأر]

وبين الفأر وبين طباع كثير من الناس منافرة، حتى إنّ بعضهم لو وطئ على ثعبان، أو رمي بثعبان- لكان الذي يدخله من المكروه والوحشة والفزع، أيسر مما يدخله من الفأرة لو رمي بها، أو وطئ عليها.

وخبرني رجال من آل زائدة بن مقسم، أن سليمان الأزرق دعي لحيّة شنعاء قد صارت في دارهم، فدخلت في جحر، وأنه اغتصبها نفسها حتى قبض على ما ألفى منها، ثم أدارها على رأسه كما يصنع بالمخراق [٢] ، وأهوى بها إلى الأرض ليضربها بها، فابتدرت من حلقها فأرة كانت ازدردتها. فلما رأى الفأرة هرب وصرخ صرخة.

قالوا: فأخذ مشايخنا الغلمان بإخراج الفأرة وتلك الحيّة الشنعاء إلى مجلس الحيّ ليعجّبوهم من إنسان قتل هذه وفرّ من هذه.

١٤٠٣-[علة نتن جلود الحيات]

وسألت بعض الحوّائين ممن يأكل الأفاعي فما دونها، فقلت: ما بال الحيات منتنة الجلود والجروم [٣] ؟ قال: أمّا الأفاعي فإنّها ليست بمنتنة، لأنها لا تأكل الفأر، وأما الحيّات عامة فإنها تطلب الفأر طلبا شديدا. وربما رأيت الحيّة وما يكون غلظها إلا مثل غلظ إبهام الكبير، ثم أجدها قد ابتلعت الجرذ أغلظ من الذّراع. فأنكر نتن الحيّات إلا من هذا الوجه. ولم أر الذي قال قولا.

١٤٠٤-[رجز في الجرذان]

ودخل أعرابيّ بعض الأمصار، فلقي من الجرذان جهدا، فرجز بها ودعا عليها، فقال [٤] : [من الرجز]


[١] انظر الخبر في عيون الأخبار ٣/١٢٩، وربيع الأبرار ٥/٤٧٢.
[٢] المخراق: منديل أو نحوه، يلف ويلوى ليضرب به أو يفزع به.
[٣] الجروم: جمع جرم، وهو الجسد.
[٤] الرجز في ربيع الأبرار ٥/٤٧٠، وديوان المعاني ٢/١٥١، ونهاية الأرب ١٠/١٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>