للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه السّافد. وهذا الباب شائع في كثير من الأجناس، إلّا أنّه في هذه الأجناس أوجد.

٦٧٤-[صيد البزاة للحمام]

ثمّ رجع بنا القول إلى ذكر الحمام، من غير أن يشاب بذكر غيره.

زعم صاحب المنطق أنّ البزاة عشرة أجناس، فمنها ما يضرب الحمامة والحمامة جاثمة، ومنها ما لا يضرب الحمام إلّا وهو يطير، ومنها ما لا يضرب الحمام في حال طيرانه ولا في حال جثومه، ولا يعرض له إلّا أن يجده في بعض الأغصان، أو على بعض الأنشاز والأشجار. فعدّد أجناس صيدها، ثمّ ذكر أنّ الحمام لا يخفى عليه في أوّل ما يرى البازي في الهواء أيّ البزاة هو، وأيّ نوع صيده، فيخالف ذلك. ولمعرفة الحمام بذلك من البازي أشكال: أوّل ذلك أنّ الحمام في أوّل نهوضه يفصل بين النّسر والعقاب، وبين الرّخمة والبازي، وبين الغراب والصّقر؛ فهو يرى الكركيّ والطّبرزين [١] ولا يستوحش منهما! ويرى الزّرّق فيتضاءل. فإن رأى الشّاهين فقد رأى السّمّ الذعاف الناقع.

٦٧٥-[إحساس الحيوان بعدوّه]

والنّعجة ترى الفيل والزّندبيل [٢] والجاموس والبعير، فلا يهزّها ذلك، وترى السّبع وهي لم تره قبل ذلك، وعضو من أعضاء تلك البهائم أعظم وهي أهول في العين وأشنع، ثمّ ترى الأسد فتخافه. وكذلك الببر [٣] والنمر. فإن رأت الذئب وحده اعتراها منه وحده مثل ما اعتراها من تلك الأجناس لو كانت مجموعة في مكان واحد. وليس ذلك عن تجربة، ولا لأنّ منظره أشنع وأعظم، وليس في ذلك علّة إلّا ما طبعت عليه من تمييز الحيوان عندها. فليس بمستنكر أن تفصل الحمامة بين البازي والبازي، كما فصلت بين البازي والكركيّ.

فإن زعمت أنّها تعرف بالمخالب فمنقار الكركيّ أشنع وأعظم وأفظع، وأطول وأعرض. فأمّا طرف منقار الأبغث فما كان كلّ سنان وإن كان مذرّبا [٤] ليبلغه.


[١] الطبرزين: الفأس التي يعلقها الفارس في سرج جواده. انظر المعرب للجواليقي ١٩٤.
[٢] الزندبيل: الفيل الكبير. حياة الحيوان ١/٥٤٠.
[٣] الببر: ضرب من السباع، يسابق الأسد، يقال إنه متولد من الزبرقان واللبوة. حياة الحيوان ١/١٥٩.
[٤] المذرب: المحدد «القاموس: ذرب» .

<<  <  ج: ص:  >  >>