للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الأشياء المشبّهة باللّحم تدخل في باب العموم في اسم اللحم، كان القول واقعا على الجميع.

وقال الشاعر: [من الكامل]

من يأتنا صبحا يريد غداءنا ... فالهام منضجة لدى الشّحّام

لحم نضيج لا يعنّي طابخا ... يؤتى به من قبل كلّ طعام

١٠٠٢-[مسألة الهدهد]

وإذ قد ذكرنا بعض الكلام، والمسائل في بعض الكلام، فسنذكر شأن الهدهد والمسألة في ذلك. قال الله عزّ وجلّ: وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ. لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ

[١] ثم قال:

فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ

[٢] يعني الهدهد. فقال لسليمان المتوعد له بالذّبح عقوبة له- والعقوبة لا تكون إلا على المعصية لبشريّ آدميّ لم تكن عقوبته الذّبح، فدلّ ذلك على أنّ المعصية إنما كانت له، ولا تكون المعصية لله إلّا ممّن يعرف الله، أو ممّن كان يمكنه أن يعرف الله تعالى فترك ما يجب عليه من المعرفة- وفي قوله لسليمان: أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ. إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ

[٣] . ثمّ قال بعد أن عرف فصل ما بين الملوك والسّوقة، وما بين النّساء والرجال، وعرف عظم عرشها، وكثرة ما أوتيت في ملكها، قال: وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ

[٤] فعرف السّجود للشمس وأنكر المعاصي. ثمّ قال: أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ

[٥] ويتعجّب من سجودهم لغير الله. ثمّ علم أنّ الله يعلم غيب السّموات والأرض، ويعلم السّرّ والعلانية. ثمّ قال: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ

[٦] وهذا يدلّ على أنّه أعلم من ناس كثير من المميّزين المستدلّين الناظرين.


[١] ٢١/النمل: ٢٧.
[٢] ٢٢/النمل: ٢٧.
[٣] ٢٢/النمل: ٢٧.
[٤] ٢٤/النمل: ٢٧.
[٥] ٢٥/النمل: ٢٧.
[٦] ٢٦/النمل: ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>