وأصناف الشّفانين والوراشين. فأمّا الأسد والذئب؛ وابن آوى والخنزير، وجميع الطير والسباع والبهائم فكذلك. وإنّما لك أن تذمّ الكلب في الشيء الذي لا يعمّ. والناس يقولون: ليس في الناس شيء أقلّ من ثلاثة أصناف: البيان الحسن، والصوت الحسن، والصورة الحسنة؛ ثمّ النّاس بعد مختلطون ممتزجون. وربّما كان من الناس بل كثيرا ما تجده وصوته أقبح من صوت الكلب، فلم تخصّون الكلب بشيء عامّة الخلق فيه أسوأ حالا من الكلب؟! وأما عواؤه من وطء الدّابّة وسوء جزعه من ضرب الصّبيان، فجزع الفرس من وقع عذبة السّوط، أسوأ من جزعه من وقع حافر برذون. وهو في هذا الموضع للفرس أشدّ مناسبة منه للحمار.
على أنّ الدّيك لا يذكر بصبر ولا جزع.
٢٢١-[نوادر ديسيموس اليوناني]
قال صاحب الديك: حدّثني العتبي قال: كان في اليونانيّين ممرور له نوادر عجيبة، وكان يسمّى ديسيموس «١» ، قال: والحكماء يروون له أكثر من ثمانين نادرة ما منها إلّا وهي غرّة؛ وعين من عيون النوادر: فمنها أنّه كان كلّما خرج من بيته مع الفجر إلى شاطئ الفرات للغائط والطهور، ألقى في أصل باب داره وفي دوّارته حجرا، كي لا ينصفق الباب، فيحتاج إلى معالجة فتحه، وإلى دفعه كلّما رجع من حاجته، فكان كلّما رجع لم يجد الحجر في موضعه، ووجد الباب منصفقا. فكمن له في بعض الأيّام ليرى هذا الذي يصنع ما يصنع. فبينا هو في انتظاره إذ أقبل رجل حتّى تناول الحجر، فلمّا نحّاه عن مكانه انصفق الباب، فقال له: ما لك ولهذا الحجر؟ وما لك تأخذه؟ فقال لم أعلم أنّه لك. قال: فقد علمت أنّه ليس لك! قال: وقال بعضهم: ما بال ديسيموس يعلّم الناس الشّعر ولا يقول الشعر؟ قال:
ديسيموس كالمسنّ الذي يشحذ ولا يقطع.
ورآه رجل يأكل في السّوق فقال: أتأكل في السوق؟ فقال: إذا جاع ديسيموس في السّوق أكل من السوق.
قال: وأسمعه رجل كلاما غليظا وسطا عليه، وفحش في القول، وتحلّم عنه فلم يجبه، فقيل له: ما منعك من مكافأته وهو لك معرض؟ قال: أرأيت لو رمحك حمار