للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإجابة والإبطاء. فلا تبعدنّ غاية الضّعيف والذّهول والقليل الصّبر على العطش، ولا تزجلنّ ما كان منشؤه في بلا الحرّ في بلاد البرد، ولا ما كان منشؤه في بلاد البرد في بلاد الحرّ؛ إلّا ما كان بعد الاعتياد. ولا يصبر على طول الطيران في غير هوائه وأجوائه طائر إلا بطول الإقامة في ذلك المكان، ولا تستوي حاله وحال من لا يعدو هواءه والهواء الذي يقرب من طباع هوائه.

٧٣٨-[تعليم الحمام ورود الماء]

قال: ولا بدّ أن يعلّم الورود، فإذا أردت به ذلك فأورده العيون والغدران والأنهار، ثمّ حل بينه وبين النّظر إلى الماء، حتى تكفّ بصره بأصابعك عن جهة الماء واتّساع المورد، إلّا بقدر ما كان يشرب فيه من المساقي، ثمّ أوسع له إذا عبّ قليلا بقدر ما لا يروعه ذلك المنظر وليكن معطّشا؛ فإنّه أجدر أن يشرب. تفعل به ذلك مرارا، ثمّ تفسح له المنظر أوّلا أوّلا، حتى لا ينكر ما هو فيه. فلا تزال به حتّى يعتاد الشّرب بغير سترة.

٧٣٩-[استئناس الحمام واستيحاشه]

قال: واعلم أنّ الحمام الأهليّ الذي عايش النّاس، وشرب من المساقي ولقط في البيوت يختلّ بالوحدة، ويستوحش بالغربة.

قال: واعلم أنّ الوحشيّ يستأنس، والأهلي يستوحش.

قال: واعلم أنّه ينسى التّأديب إذا أهمل، كما يتأدّب بعد الإهمال.

٧٤٠-[ترتيب الزجل]

وإذا زجلت فلا تخطرف به من نصف الغاية إلى الغاية، ولكن رتّب ذلك؛ فإنّه ربّما اعتاد المجيء من ذلك البعد، فمتى أرسلته من أقرب منه تحيّر، وأراد أن يبتدئ أمره ابتداء. وهم اليوم لا يفعلون ذلك؛ لأنّه إذا بلغ الرّقّة أو فوق ذلك شيئا فقد صار عقدة، وصار له ثمن وغلّة. فهو لا يرى أن يخاطر بشيء له قدر. ولكنّه إن جاء من هيت [١] أدرب [٢] به؛ لأنّه إن ذهب لم يذهب شيء له ثمن، ولا طائر له رياسة؛ وليس له اسم ولا ذكر؛ وإن جاء جاء شيء كبير وخطير، وإن جاء من الغاية فقد حوى به ملكا. على هذا هم اليوم.


[١] هيت: بلدة على الفرات من نواحي بغداد فوق الأنبار معجم البلدان ٥/٤٢١.
[٢] الدرب: كل مدخل إلى الروم أو النافذ منه، ودرّب: عوّد المشي في الدروب «القاموس: درب» .

<<  <  ج: ص:  >  >>