للكليتين، وصالح لوجع الظهر وعجب الذّنب، وخلاف على اليهود، وغيظ على الروافض؛ وفي أكله إحياء لبعض السّنن، وإماتة بعض البدع، ولم يفلج عليه مكثر منه قطّ، وهو محنة بين المبتدع والسّنّي، هلك فيه فئتان مذ كانت الدنيا: محلّل ومحرّم.
وقال أبو إسحاق: هو قبيح المنظر، عاري الجلد، ناقص الدّماغ، يلتهم العذرة ويأكل الجرذان صحاحا والفأر، وزهم لا يستطاع أكله إلّا محسيّا ولا يتصرّف تصرّف السمك، وقد وقع عليه اسم المسخ، لا يطيب مملوحا ولا ممقورا، ولا يؤكل كبابا، ولا يختار مطبوخا، ويرمى كلّه إلّا ذنبه.
والأصناف التي تعرض للعذرة كثيرة، وقد ذكرنا الجلّالات من الأنعام والجرّيّ والشّبّوط من السمك. ويعرض لها من الطير الدّجاج والرّخم والهداهد.
١٨٥-[الأنوق وما سمي بهذا الاسم]
وقد بلغ من شهوة الرّخمة لذلك، أن سمّوها الأنوق، حتى سمّوا كلّ شيء من الحيوان يعرض للعذرة بأنوق، وهو قول الشاعر: [من الرجز]
حتّى إذا أضحى تدرّى واكتحل ... لجارتيه ثم ولّى فنثل
رزق الأنوقين القرنبى والجعل
١٨٦-[ما قيل من الشعر في الجعل]
ولشدّة طلب الجعل لذلك قال الشاعر: [من البسيط]
يبيت في مجلس الأقوام يربؤهم ... كأنّه شرطيّ بات في حرس
وكذلك قال الآخر: [من الرجز]
إذا أتوه بطعام وأكل ... بات يعشّي وحده ألفي جعل
هذا البيت يدلّ على عظم مقدار النّجو، فهجاه بذلك، وعلى أنّ الجعل يقتات البراز.
وفي مثل ذلك يقول ابن عبدل- إن كان قاله- وإنما قلت هذا لأنّ الشعر يرتفع عنه. والشعر قوله: [من الخفيف]
نعم جار الخنزيرة المرضع الغر ... ثى إذا ما غدا أبو كلثوم «١»