للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسنانير تموت عن أكل الأوزاغ والحيّات والعقارب، وما لا يحصى عدده من هذه الحشرات، فهذا يدلّ على جهل بمصلحة المعاش، وعلى حسّ غليظ وشره شديد.

١٤٣٩-[هيج الحيوان]

قالوا: وكل أنثى من جميع الحيوان، ما خلا المرأة، فلا بدّ لها من هيج في زمان معلوم، ثم لا يعرف ذلك منها وفيها إلا بالدلائل والآثار، أو ببعض المعاينة.

وإناث السنانير، إذا هجن للسّفاد، آذين بصياحهنّ أهل القبائل ليلا ونهارا، بشيء ظاهر قاهر عليّ. لا يعتريهن فترة ولا ملالة ولا سآمة. فربّ رجل حرّ شديد الغيرة، وهو جالس مع نسائه وهنّ يتردّدن على مثل هذه الهيئة، ويصرخن في طلب السّفاد. فكم من حرة قد خجلت، وحرّ قد انتقضت طبيعته.

وليس لشيء من فحولتها [١] مثل ذلك. فكل جنس في العالم من الحيوان فذكورته أظهر هيجا، إلا السّنانير.

وليس لشيء من فحولة الأجناس مثل الذي للجمل من الإزباد، وهجران الرّعي، وترك الماء، حتى تنضمّ أياطله [٢] ، ويتورّم رأسه، ويكون كذلك الأيام الكثيرة. وهو في ذلك الوقت لو حمّل على ظهره- مع امتناعه شهرا من الطعام- ثلاثة أضعاف حمله لحملها.

١٤٤٠-[أمنية المكي وإسماعيل بن غزوان]

ونظر المكيّ إلى جمل قد أزبد وتلغّم، وطار على رأسه منه كشقق البرس [٣] ، وقد زمّ بأنفه، وهو يهدر ويقبقب [٤] ، لا يعقل شيئا إلا ما هو فيه، فقال لإسماعيل بن غزوان: والله لوددت أن أهل البصرة رأوني يوما واحدا إلى الليل على هذه الصفة، وأنّي خرجت من قليل مالي وكثيره! فقال له إسماعيل: وأي شيء لك في ذلك؟ قال:

كنت والله لا أصبح حتى يوافي داري جميع نساء أهل البصرة، وجواريك فيهنّ فلا


[١] أي فحولة السنانير.
[٢] الأياطل: جمع أيطل، وهو الخاصرة.
[٣] الشقق: جمع شقة، وهي السبيبة المستطيلة من الثياب. البرس: القطن.
[٤] يقبقب: يرجع في هديره.

<<  <  ج: ص:  >  >>