للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٩١-[ما يختار للزّجل من الحمام]

والبغداديون يختارون للزّجال من الغاية الإناث، والبصريّون يختارون الذّكور فحجّة البغداديّين أن الذّكر إذا سافر وبعد عهده بقمط الإناث، وتاقت نفسه إلى السّفاد، ورأى أنثاه في طريقه، ترك الطّلب إن كان بعد في الجولان؛ أو ترك السّير إن كان وقع على القصد، ومال إلى الأنثى وفي ذلك الفساد كلّه.

وقال البصريّ: الذّكر أحنّ إلى بيته لمكان أنثاه، وهو أشدّ متنا وأقوى بدنا، وهو أحسن اهتداء. فنحن لا ندع تقديم الشيء القائم إلى معنى قد يعرض وقد لا يعرض.

٦٩٢-[نصيحة شدفويه في تربية الحمام]

وسمعت شدفويه السلائحي من نحو خمسين سنة، وهو يقول لعبد السلام بن أبي عمار: اجعل كعبة حمامك في صحن دارك، فإنّ الحمام إذا كان متى خرج من بيته إلى المعلاة لم يصل إلى معلاته إلّا بجمع النّفس والجناحين، وبالنهوض ومكابدة الصعود- اشتدّ متنه، وقوي جناحه ولحمه. ومتى أراد بيته فاحتاج إلى أن ينتكس ويجيء منقضّا كان أقوى على الارتفاع في الهواء بعد أن يروى. وقد تعلمون أنّ الباطنيّين أشدّ متنا من الظاهريّين، وأنّ النّقرس لا يصيب الباطنيّ في رجله ليس ذلك إلّا لأنّه يصعد إلى العلالي فوق الكناديج [١] درجة بعد درجة، وكذلك نزوله، فلو درّبتم الحمام على هذا التّرتيب كان أصوب. ولا يعجبني تدريب العاتق وما فوق العاتق [٢] إلّا من الأماكن القريبة؛ لأن العاتق كالفتاة العاتق، وكالصبّي الغرير، فهو لا يعدمه ضعف البدن، وقلّة المعرفة، وسوء الإلف. ولا يعجبني أن تتركوا الحمام حتّى إذا صار في عدد المسانّ واكتهل، وولد البطون بعد البطون، وأخذ ذلك من قوّة شبابه، حملتموه على الزّجل، وعلى التّمرين، ثمّ رميتم به أقصى غاية لا، ولكنّ التّدريب مع الشباب، وانتهاء الحدّة، وكمال القوّة، من قبل أن تأخذ القوّة في النّقصان. فهو يلقّن بقربه من الحداثة، ويعرّف بخروجه من حدّ الحداثة. فابتدئوا به التّعليم والتمرين في هذه المنزلة الوسطى.


[١] في القاموس: (الكندوج: شبه المخزن؛ معرب كندو، وكندجة الباني في الجدران والطيقان، مولّدة) . «القاموس: كندج» .
[٢] العاتق من الحمام: فرخه ما لم يستحكم، أو فرخ الطائر إذا طار واستقل «القاموس: عتق» .

<<  <  ج: ص:  >  >>