وثبة فإذا هو في ذروة سنامه، فعند ذلك يصرّفه كيف شاء، ويتلعّب به كيف أحبّ.
ونحن لا نشكّ أنّ للفرس تحت الفارس غناء في الحرب لا يشبهه غناء، ولذلك فضّل في القسم. وإنما ذلك بتصريف راكبه له، وقتاله عليه. فأمّا هو نفسه فإنه إذ كان أوفر سلاحا من الجاموس وخام عن قرنه «١» ، واستسلم لعدوّه؛ فإنّه من ها هنا لا يقدم على غيره. ولم يكن الله ليجعل انحصار جميع أقسام الخير في شخص واحد، ولكن لمّا أن كان الفرس عليه تقاتل الأنبياء وأتباع الأنبياء، ملوك الكفّار وأتباع ملوك الكفار حتّى يقمع الله الباطل ويظهر الحقّ؛ فلذلك قدّمناه على جميع البهائم والسّباع، وإنما نقدّمه على الوجه الذي قدّمه الله فيه.
٢١٢٥-[الرد على صاحب فرس الماء]
واعترض على أصحاب فرس الماء معترضون فقالوا: الفرس لا يكون إلّا بهيمة، والبهائم لا تصيد وتأكل صيدها، وإنما طعام الفرس النّبات وليس اللّحم لها بطعام.
وقال النمر بن تولب «٢» : [من الرجز]
والخيل في إطعامها اللّحم ضرر ... نطعمها اللّحم إذا عزّ الشّجر
في كلمته التي يقول فيها «٣» : [من الرجز]
الله من آياته هذا القمر
وقد تعلف في تلك الحالات اللّحم اليابس وهسيس السّمك «٤» . فأمّا الهسيس فلخيول أهل الأسياف خاصّة.
٢١٢٦-[الانتصار لصاحب فرس الماء]
قيل لهؤلاء المعترضين على فرس الماء: وقد يكون في الخلق المشترك وغير المشترك ما يأكل اللّحم والحبّ. فالمشترك مثل الإنسان الذي يأكل الحيوان والنبات. وهذا العصفور من الخلق المشترك لأنّه يأكل الحبّ، ويصطاد النمل الطّيار