للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقضم قضما، ويمزج بالأشربة، ويدفن فيه الماء وكثير من الفواكه.

وربما أخذ بعض المترفين القطعة منه كهامة [١] الثور، فيضعها على رأسه ساعة من نهار، ويتبرّد بذلك.

ولو أقام إنسان على قطعة من الثلج مقدار صخرة في حمدان ريح [٢] ساعة من نهار، لما خيف عليه المرض قطّ.

فلو كان المبالغة في التنفير والزجر أراد، وإليه قصد؛ لذكر ما هو في الحقيقة عند الأمم أشدّ. والوعيد بما هو أشد، وبما يعم بالخوف سكان البلاد الباردة والحارة أشبه، إذا كان المبالغة يريد.

والثلج قد يداوى به بعض المرضى، ويتولد فيه الدود، وتخوضه الحوافر، والأظلاف، والأخفاف، والأقدام، بالليل والنهار، في الأسفار.

وفي أيام الصيد يهون على من شرب خمسة أرطال نبيذ أن يعدو عليه خمسة أشواط.

١٢٩٤- (معارضة بعض المجوس في عذاب النار)

وقد عارضني بعض المجوس وقال: فلعلّ أيضا صاحبكم إنما توعّد أصحابه بالنار، لأن بلادهم ليست ببلاد ثلج ولا دمق [٣] ، وإنما هي ناحية الحرور والوهج والسّموم [٤] ، لأن ذلك المكروه أزجر لهم. فرأي هذا المجوسي أنه قد عارضني! فقلت له: إن أكثر بلاد العرب موصوفة بشدة الحر في الصيف. وشدة البرد في الشتاء؛ لأنها بلاد صخور وجبال، والصخر يقبل الحر والبرد ولذلك سمت الفرس بالفارسية، العرب والأعراب: «كهيان» ، والكه بالفارسية هو الجبل. فمتى أحببت أن تعرف مقدار برد بلادهم في الشتاء وحرّها في الصيف، فانظر في أشعارهم، وكيف قسّموا ذلك، وكيف وضعوه لتعرف أن الحالتين سواء عندهم في الشدة.

١٢٩٥-[القول في البرودة والثلج]

والبلاد ليس يشتد بردها على كثرة الثلج، فقد تكون بلدة أبرد وثلجها أقل،


[١] الهامة: الرأس.
[٢] حمدان الريح: لعله من قولهم: يوم محتمد: أي شديد الحر.
[٣] الدمق: الثلج مع الريح يغشى الإنسان من كل أوب حتى يكاد يقتل من يصيبه.
[٤] السموم: الريح الحارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>