وأصناف سمك البحر، وأجناس ما يعايش سمك البحر لا تكون في أوساط اللّجج وفي تلك الأهواز العظام، مثل لجّة سقوطرا، وهركند، وصنجى. وكذلك أهل البحر إذا عاينوا نباتا أو طيرا، أيقنوا بقرب الأرض إلّا أنّ ذلك القريب قد سمّي بعيدا، فلذلك سلم ذلك الغريق بمعونة ذلك الحيوان «١» .
٢١١٥-[مسالمة الأسد للببر ومعاداته للنمر]
فأمّا الأسد والببر فمتسالمان، وأما الأسد والنمر فمتعاديان والظّفر بينهما سجال. والنّمر وإن كان ينتصف من الأسد فإنّ قوّته على سائر الحيوان دون قوّته على الأسد، وبدنه في ذلك أحمل لوقع السّلاح، ولا يعرض له الببر، وقد أيقنا أنّهما ليسا من بابته، فلا يعرض لهما، لسلامة ناحيته وقلة شرّه، وهما لا يعرضان له لما يعرفان من أنفسهما من العجز عنه. وأمّا البهائم الثلاث اللواتي ذكرناها فإنّها فوق الأسد والنمر.
والببر هنديّ أيضا مثل الفيل، وأمّا الكركدّن فلا يقوم له سبع ولا بهيمة، ولا يطمع فيه، ولا يروم ذلك منه.
٢١١٦-[مبارزة الجاموس للأسد]
وأمّا الجاموس والأسد فخبّرني محمد بن عبد الملك أنّ أمير المؤمنين المعتصم بالله، أبرز للأسد جاموسين فغلباه، ثم أبرز له جاموسة ومعها ولدها فغلبته وحمت ولدها منه، وحصّنته، ثم أبرز له جاموسا وحده فواثبه ثم أدبر عنه «٢» .
هذا وفي طبع الأسد الجرأة عليه، لأنّه يعدّ الجاموس من طعامه، والجاموس يعرف نفسه بذلك، فمع الأسد من الجرأة عليه على حسب ذلك ومع الجاموس من الخوف على قدر ذلك. وفي معرفة الأسد أنّ له في فمه من السّلاح ما ليس لشيء سواه، وفي معرفة الجاموس بعدم ذلك السّلاح منه، فمعه من الجرأة عليه بمقدار ما مع الجاموس من التهيّب له، فيعلم أنّه قد أعطي في كفّه ومخالبه من السلاح ما ليس لشيء سواه. ويعلم الأسد والجاموس جميعا أنّه ليس في فم الجاموس ويده وظلفه من السّلاح قليل ولا كثير، فمع الأسد من الجراءة عليه، ومع الجاموس من الخوف منه، على حسب ذلك. ويعلم الأسد أنّ بدنه يموج في إهابه، وأنّ له من القوّة على