للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي البرّ من ذئب وسمع وعقرب ... وثرملة تسعى وخنفسة تسري [١]

وقد قيل في الأمثال إن كنت واعيا ... عذيرك، إنّ الضّبّ يحبل بالتمر

وسنفسّر معاني هذه الأبيات إذا كتبنا القصيدتين على وجوههما [٢] بما يشتملان عليه من ذكر الغرائب والحكم، والتّدبير والأعاجيب التي أودع الله تعالى أصناف هذا الخلق، ليعتبر معتبر، ويفكر مفكر، فيصير بذلك عاقلا عالما، وموحّدا مخلصا.

١٧١٢-[طول ذماء الضب]

والدّليل على ما ذكرنا من تفسير قولهم: الضّبّ أطول شيء ذماء [٣] ، قولهم:

«إنّه لأحيا من ضبّ» [٤] ، لأنّ حارشه ربّما ذبحه فاستقصى فري الأوداج، ثم يدعه، فربما تحرك بعد ثلاثة أيام.

وقال أبو ذؤيب الهذلي [٥] : [من الكامل]

ذكر الورود بها وشاقى أمره ... شؤما وأقبل حينه يتتبّع

فأبدّهنّ حتوفهنّ فهارب ... بذمائه أو ساقط متجعجع

وكان النّاس يروون: «فهارب بدمائه» يريدون من الدم. وكانوا يكسرون الدال، حتى قال الأصمعيّ: «بذمائه» معجمة الذال مفتوحة وقال كثير [٦] : [من الكامل]

ولقد شهدت الخيل يحمل شكّتي ... متلمّظ خذم العنان بهيم [٧]

باقي الذماء إذا ملكت مناقل ... وإذا جمعت به أجشّ هزيم [٨]


[١] الثرملة: الأنثى من الثعالب.
[٢] انظر ما سيأتي ص ٤٦٤- ٤٧٠.
[٣] تقدم هذا القول في ٣/٢٤٧، الفقرة (٩١٤) ، وورد هذا القول في رسائل الجاحظ ١/٢٧٧.
[٤] مجمع الأمثال ١/٢١٨، ٢٢٦، وجمهرة الأمثال ١/٣٤٣، وأمثال ابن سلام ٣٦٩.
[٥] البيتان لأبي ذؤيب الهذلي في شرح أشعار الهذليين ٢٤، والمفضليات ٤٢٣ و ٤٢٥، والثاني في اللسان والتاج (بدد، جعع، ذمي) ، والمقاييس ١/١٧٦، ٤١٦، والعين ١/٦٨، والأساس (ذمي) ، والتهذيب ١/٦٩، ١٤/٧٨، ١٥/٢٦، وبلا نسبة في العين ٨/٢٠٣، والمخصص ٣/٢٣، ٨٠.
[٦] ديوان كثير ٢٠٦، والمعاني الكبير ٤٩.
[٧] الشكة: السلاح. خذم العنان: سريع.
[٨] المناقل: السريع نقل القوائم. الأجش: الغليظ الصهيل. الهزيم: الشديد الصوت.

<<  <  ج: ص:  >  >>