للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال آخر [١] : [من الطويل]

ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد ... فقد هاج لي مسراك وجدا على وجد

أأن هتفت ورقاء في رونق الضّحى ... على غصن غضّ النّبات من الرّند

بكيت كما يبكي الوليد ولم تكن ... جليدا وأبديت الذي لم تكن تبدي

وقد زعموا أنّ المحبّ إذا دنا ... يملّ، وأنّ النّأي يشفي من الوجد

بكلّ تداوينا فلم يشف ما بنا ... على أنّ قرب الدّار خير من البعد

٦٨٣-[أنساب الحمام]

وقال صاحب الحمام: للحمام مجاهيل، ومعروفات، وخارجيّات، ومنسوبات.

والذي يشتمل عليه دواوين أصحب الحمام أكثر من كتب النّسب التي تضاف إلى ابن الكلبيّ، والشّرقيّ بن القطاميّ، وأبي اليقظان، وأبي عبيدة النحويّ، بل إلى دغفل ابن حنظلة، وابن لسان الحمّرة، بل إلى صحار العبديّ. وإلى أبي السّطّاح اللّخميّ، بل إلى النّخّار العذريّ، وصبح الطائيّ، بل إلى مثجور بن غيلان الضّبيّ، وإلى سطيح الذئبيّ، بل ابن شريّة الجرهميّ، وإلى زيد بن الكيّس النّمريّ؛ وإلى كلّ نسّابة راوية، وكلّ متفنن علّامة.

ووصف الهذيل المازنيّ، مثنّى بن زهير وحفظه لأنساب الحمام. فقال: والله لهو أنسب من سعيد بن المسيّب، وقتادة بن دعامة للنّاس، بل هو أنسب من أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنه! لقد دخلت على رجل أعرف بالأمّهات المنجبات من سحيم ابن حفص، وأعرف بما دخلها من الهجنة والإقراف، من يونس بن حبيب.

٦٨٤-[مما أشبه فيه الحمام الناس]

قال: وممّا أشبه فيه الحمام النّاس في الصّور والشّمائل ورقّة الطباع، وسرعة القبول والانقلاب، أنّك إذا كنت صاحب فراسة، فمرّ بك رجال بعضهم كوفيّ، وبعضهم بصريّ، وبعضهم شاميّ وبعضهم يمانيّ، لم يخف عليك أمورهم في الصّور والشمائل والقدود والنّغم أيّهم بصريّ، وأيّهم كوفيّ، وأيّهم يمانيّ، وأيهم مدنيّ وكذلك الحمام؛ لا ترى صاحب حمام تخفى عليه نسب الحمام وجنسها وبلادها إذا رآها.


[١] الأبيات لابن الدمينة في ديوانه ٨٥، ولابن الطثرية في ديوانه ٦٨- ٦٩، ولمجنون ليلى في ديوانه ١١٢- ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>